لا شك بأن التحدي الذي تواجهه وكالة الامم المتحدة لاغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين « الاونروا « هو تحد وجودي وليس مجرد تحد سياسي ومالي فحسب.
ولا شك أيضا بأنه لولا الموقف الاردني الثابت ، ولولا جهود جلالة الملك عبدالله الثاني في دعم صمود هذه الوكالة انطلاقا من ارتباطها الوثيق بالحياة الكريمة وبالحقوق الانسانية « الصحية والتعليمية « لنحو (5 ملايين) لاجئ في (5 ) مناطق في هذا الاقليم ،اضافة الى العاملين في هذه الوكالة ، ولارتباطها الوثيق بقضية اللاجئين الفلسطينيين .. لما استطاعت الوكالة الصمود ومواجهة التحديات على مدى السنوات الماضية ، ولذلك قاد الاردن وبالتعاون مع السويد والدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية جهودا مضنية لدعم « الاونروا» وسد عجز موازناتها منذ العام 2018 تحديدا ( مؤتمر روما ) والذي أثمر عن تعهدات بحجم ( 122مليون دولار) تلاه المؤتمر الوزاري الدولي للمانحين للوكالة ( مؤتمر نيويورك حزيران 2020 ) وبمشاركة نحو (50 )دولة وممثلين عن المنظمات الدولية والاقليمية ،وأثمر عن دعم بقيمة (130 مليون دولار) ، وأخيرا منذ أيام ( مؤتمر بروكسل 2021) بمشاركة ( 29) وزيرا للخارجية ووزراء دولة ونواب للوزراء وممثلين عن ( 61) دولة ومنظمة دولية ، وأثمر عن تعهدات بحجم( 38 مليون دولار) من أصل عجز يقدّر هذا العام بنحو (100 مليون دولار) .
قضية اللاجئين بالنسبة للاردن قضية مهمة جدا وهي التي حملت ولا زالت تحمل القضية الفلسطينية الى كل منابرالعالم ، فـ (الأردن قدّم للقضية الفلسطينية ما لم يقدمه أحد غيره، وهذا واجبنا) - كما قال جلالة الملك عبد الله الثاني الأسبوع الماضي خلال افتتاح جلالته أعمال الدورة العادية لمجلس الأمة الـ19 ، و»المملكة تمثل الداعم الاكبر للوكالة واللاجئين الفلسطينيين»- كما أكد ذلك نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية أيمن الصفدي خلال المؤتمر الوزاري الدولي في بروكسل الثلاثاء الماضي ، و» الاستثمار في الاونروا هو استثمار في السلام والامل « - كما أكد ذلك الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش خلال المؤتمر أيضا .
لكن قضية « الاونرا» ليست كذلك بالنسبة لعدد من دول العالم وللاسف الشديد ، وهي « الوكالة « تتعرض منذ سنوات لحرب وجودية كانت أشدها في عهد الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب حين أوقف الدعم الامريكي للوكالة محاباة لاسرائيل ، وضغطا من أجل انهاء القضية الفلسطينية ،وتمريرا لما أسماها صفقة القرن ، وكل ذلك ذهب أدراج الرياح ،ووقف الأردن ملكا وشعبا في مواجهته بلاءات ملكية ثلاث ، وعادت الولايات المتحدة الامريكية لدعم وكالة «اونروا «فور تولي الرئيس جو بايدن مقاليد الرئاسة الامريكية ولتستأنف امريكا مساعداتها للوكالة وتقدم (318 مليون دولار) عن هذا العام .
ستبقى « الاونروا « مع العداء الاسرائيلي واللوبيات التابعة والمؤيدة لاسرائيل تعاني في كل سنة معضلة « أكون أو لا أكون - to be or not to be « ، وللخروج من هذه المعضلة لا بد من تنفيذ ما يسعى اليه الاردن وبالتعاون مع السويد الصديقة ودول ومنظمات داعمة شقيقة وصديقة من أجل العمل على « استراتيجية متعددة السنوات « والمتوقع الانتهاء منها العام المقبل 2022، لاخراج الوكالة مما تواجهه من نقص متكرر وكارثي في التمويل ، وانتهاز فرصة استئناف الدعم الامريكي ، ليس فقط لسد فجوة التمويل بصورة فورية بل من أجل تقديم تمويل كاف ومستدام لتمكين هذه الوكالة من تقديم خدماتها الحيوية للاجئين الفلسطينيين ، وتحديدا ضمان حق أكثر من ( 500 الف) طفل فلسطيني في التعليم .
تمكين « الاونروا « من الاستمرار بتقديم خدماتها يشكّل عامل استقرار في المنطقة ، وبخلاف ذلك فان الاثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية على المنطقة ودولها « كارثية «.
(الدستور)