الصراع الاثيوبي بين الحكومة وجبهة تحرير تيغراي بدأ منذ عام 1974 ورغم هدوئه في بعض السنوات إلا انه يبدأ من جديد بين فترة وأخرى وجذوره تعود الى مدة ليست بالقصيرة فبعد الإطاحة بالإمبراطور هيلا سيلاسي الأول من قبل الشيوعيين استلم الحكم منغستو هيلا مريام والذي ارتبط بالدول الاشتراكية والاتحاد السوفيتي واثناء هذا الحكم سقط عشرات الالاف من المعارضين للحكومة كضحايا عنف وتعذيب وتوفي مئات الالاف نتيجة للمجاعة والفقر.
ومنذ بداية حكم الشيوعيون بدأت المقاومة في الشمال عبر جبهة تحرير تيغراي والتي قامت بإنشاء تحالفات عسكرية متعددة لقوميات اثيوبية أطاحت بالحكم الشيوعي عام 1991 واستلم قائد الائتلاف السلطة مما اصبح عُرف استمر حتى الان واخر رئيس حكومة يمثل الائتلاف الحاكم هو احمد ابي الحاصل على جائزة نوبل للسلام لقيامه بإجراء مصالحة تاريخية مع اريتريا.
الوضع الحالي في اثيوبيا له ابعاد وطنية اقليمية ودولية خطيرة فانهيار اثيوبيا المحتمل نتيجة تقدم جبهه تحرير تيغراي وتحالفها مرة اخرى مع قوى المعارضة وخاصة من منطقة أمهرا المجاورة لأديس أبابا العاصمة الأثيوبية سيسرع من توغل قوى المعارضة واسقاط النظام مما سيؤدي حتماً الى اندلاع حرب اهلية تشارك فيها بطرق مباشرة او غير مباشرة قوى اقليمية ودولية وربما سيتكرر مثال سوريا هناك.
الوضع الجغرافي لأثيوبيا يسهل دخول دول الجوار في الصراع وذلك لارتباط مصالح هذه الدول مع بعضها البعض فعلى سبيل المثال تقوم الحكومة في اريتريا بمساعدة الحكومة الأثيوبية عسكرياً ضد جبهة تيغراي المجاورة لها في شمال اثيوبيا وتحاول منع امدادات السلاح لحركة المقاومة عن طريق السودان، وهناك تكهنات لمنظمات حقوق الانسان بارتكاب جرائم ضد الإنسانية من قبل القوات الإريترية، كما ان السودان بدأت باستقبال تدفق اللاجئين حيث تم بناء مخيمين للاجئين بسعة نصف مليون نسمة، يحد اثيوبيا من الجانب الغربي جنوب السودان الذي يعيش أوضاع سياسية غاية في الخطورة وتحاط اثيوبيا من الجنوب الشرقي بالصومال المتوترة منذ عشرات السنين، اما من الشرق فتحاط بجيبوتي وهي المنفذ البحري الوحيد لأثيوبيا وتعتبر رئة اثيوبيا التنفسية لذا تحاول الجبهة الموحدة لتحرير اثيوبيا والتي أُنشِئت قبل اسابيع في واشنطن السيطرة على المناطق الشرقية للاستحواذ على الممرات البحرية والسيطرة على المساعدات الإنسانية القادمة الى اثيوبيا، أما في الجنوب فبدأت كينيا بمراقبة حدودها لمنع تدفق اللاجئين اليها.
اما من الناحية الاقليمية فحكومة اثيوبيا في صراع مرير مع مصر والسودان بخصوص سد النهضة الذي تم بنائه والذي سيهدد مصادر المياه في نهر النيل لما له من مضار على الزراعة والاقتصاد بين البلاد المتشاركة في نهر النيل وموارده وخاصة مصر والسودان.
يضاف الى ذلك الاطماع الدولية فعلى سبيل المثال بدأت تركيا وايران بتزويد الحكومة الأثيوبية بالطائرات المسيرة، وهناك اطماع لروسيا في المنطقة وتتمدد الصين منذ عشرات السنين عبر استثمارات اقتصادية كبيرة في افريقيا لقطع الطريق على الولايات المتحدة الأمريكية والتي وضعت افريقيا من ضمن اولوياتها الآن لحل الخلاف القائم في السودان واثيوبيا، هذا وسيقوم وزير خارجية امريكا أنتوني بلينكن بزيارة دول متعددة في افريقيا.
تعتبر اثيوبيا ثاني اقتصاد بعد جنوب افريقيا في القارة الإفريقية وثاني كبرى دول أفريقيا من حيث تعداد السكان حيث يزيد عن 115 مليون نسمة، ويوجد بها مقر الوحدة الإفريقية، كما ان اثيوبيا اكبر مشارك في العالم لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لذا فهي تحظى بأهمية خاصة وتعد محط انظار واطماع القوى الاقليمية والدولية وعنصر جذب للدول التي تطمح بالاستحواذ على تأثير خاص في هذه المنطقة الحيوية وتثبيت رأس جسر لنفوذها فيها.