كلما وقع حدث او راقت لهم مناسبة او تقلد أحدهم منصبا او أفضى بقول او تصريح انبرى المنافقون رافعين راياتهم وشاهرين أسلحة ألسنتهم واقلامهم ليخطوا عبارات المديح وتضخيم أصواتهم لألقاء سيل من الإطراء وتعظيم الأقوال ونفخ رئات الذين ينافقون لهم حتى يجعلوا منهم اصناما ينحنى لها وتذبح عندها القرابين لعلهم يجدوا لهم نصيبا في موقع او منصب او الحصول على مساعدة او تحقيق مصلحة ذاتية على حساب الآخرين وعلى حساب الوطن.
المنافقون ينتهزون الفرص ويستغلون المناسبات ويتفنون في الكذب والتلفيق والافتراء فيسرفون في تعظيم الأقوال دون الأفعال وكيل المديح وتلبيس الممدوح إنجازات لم تقع ولم تر النور ويضيئون لهم الشموع ويدقون لهم الطبول والضرب على المزامير.
والمستهجن في الأمر أن الذين يتعلقون بالمدح وكلمات الإطراء تنتفخ رؤوسهم وتستطيل انوفهم وتعلو راياتهم وتكبر نفوسهم وتطمئن قلوبهم فيتمادون في ألغى والضلالة والجهالة وهم يعلمون ويعرفون الحقيقة ولكنهم مدمنون على الهوى والغوى.
بئس المنافقون وبئست اقوالهم وأفعالهم ومنتدياتهم وبئس المنافق لهم فهم في نظر الكرماء سواء.
وعندما تزول سلطة الممدوح وينطفيء نجمه تجف منابع النفاق والافتراء والاطراء وتنقلب إلى التبخيس والذم والنقد
اذا رف نجم فخدامه واحنق اعدائه ان هوى
انهم لا يستحون من أنفسهم ولا من الآخرين بعد أن جفت عروق حيائهم وكلحت قلوبهم وتحولت إلى ظلماء ولم يجدوا رادعا فاصبحوا من السفهاء وعميت عقولهم وصاروا كالببغاء.