دروس في تاريخ الأردن مع جواد العناني
السفير الدكتور موفق العجلوني
20-11-2021 10:00 AM
استوقفتني ملياً مقال معالي استاذي الكبير الدكتور جواد العناني المنشور في صحيفة الرأي الغراء ووكالة عمون الغراء يوم ٧/١١/٢٠٢١ بعنوان: " من وحي المئوية (39) علموا الأبناء تاريخنا ونظام حكمنا . حيث يطرح الأسئلة الهامة التالية والموجهة الى طلابنا في المدارس:
لو وجَّهنا الاسئلة التالية إلى طلابنا في المدارس، فكم منهم يا ترى سيعرف الاجابة عليها ؟ : هل الملك عبدالله الثاني من نَسْل الحسن أم الحسين بن علي بن أبي طالب؟
- من الذي أصبح من أجداد الملك عبد الله «أمير مكة وينبع» ومؤسس مُلك الأشراف في مكة؟
- من كان أول من سمي من أجداد الملك عبد الله الثاني بأمير مكة والحجاز؟
- من هو الذي كان من اجداد الملك عبد الله أول من لقب بـ «راعي الهدلا»؟
- مَن مِن اجداد الملك عبد الله من أطلق عليه «أمير مكة ملك الحجاز وملك العرب»؟
- لو عدنا بالنسب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، فماذا يكون ترتيب الملك عبد الله الثاني كحفيد للرسول «هل هو الحفيد الحادي والأربعون أم الثاني والأربعون أم الثالث والأربعون؟
ويضيف الدكتور العناني تعقيباً على الأسئلة: "هذه الأسئلة يمكن أن توجه إلى عدد كبير من الشباب. وظني أن معظمهم سيعود فوراً إلى "جوجل" ليستخرج المعلومات منها. ولكن كم واحد منهم يستطيع الاجابة على هذه الأسئلة من مكنوز معلوماته وذاكرته ؟
كنت أتمنى لو آن معاليه قد وجه السؤال لأكبر شريحة من الأردنيين أصحاب الشهادات العليا و المناصب الحكومية العليا، و ليس فقط مقصوراً على الطلبة على سبيل المثال لا الحصر : أساتذة الجامعات ، المعلمين ، الوزراء ،الاعيان و النواب ، السفراء و الدبلوماسيين ، والمدراء العامين ، الاطباء ، المهندسين ، المحامين رجال الاعمال ، و إدارة المعرض الأردني في اكسبو ٢٠٢٠ دبي ...!!!
هنالك القليل من الأردنيين، الا من رحم ربي - من يعرف تاريخ الأردن بتفاصيله و رموزه، و من ضحوا من اجل الأردن و رووا بدمائهم الزكية ارض فلسطين و على رأسهم المغفور له بأذن الله الملك المؤسس جلالة الملك عبد الله الأول على ابواب الأقصى الشريف .
نعم انه امر مؤسف ومحزن في نفس الوقت. يبدوا ان المدارس والجامعات قد اغفلت او ربما لم تعطى الاهتمام اللازم من حيث المنهاج او من حيث المعلمين والأساتذة اهتمامهم وتركيزهم على تاريخ الأردن المشرف من حيث انه يشكل جزءاً اساسياً من معلوماتهم، ومتطلباً من ثقافتهم، ومصدراً من مصادر فخرهم واعتزازهم.
شكراً لمعالي الدكتور العناني انه ذكرنا بقامات اردنية وعربية، قامت بإعادة كتابة تاريخ بلاد الشام و بمباركة من المغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه، وبإشراف مباشر من سمو الأمير الحسن بن طلال حفظه الله واطال الله في عمره أمثال: المرحوم سليمان الموسى ، و الدكتور محمد عدنان البخيت، و الدكتور ناصر الدين الأسد، والمؤرخ العراقي عبدالعزيز الدوري، والدكتور علي المحافظة والدكتور عبد الكريم الغرايبة ، وغيرهم من المؤرخين المبدعين والذين تخونني الذاكرة بسرد أسمائهم .
وشكراً للدكتور العناني الذي ذكرنا برجالات قدموا حياتهم وهم يؤدون الواجب أمثال ابراهيم هاشم، وتوفيق أبو الهدى، وهزاع المجالي، ووصفي التل، رحمهم الله جميعاً.
من هنا قبل ان نوجه اللوم للشباب في ظل غياب المعلومة عنهم. فإنني أوجه اللوم الى الجهات التي قصرت بحقهم، وأوجه اللوم الى أصحاب المؤهلات العلمية والقامات التي تولت مناصب حكومية وإدارية وتربوية وأكاديمية وبحثية، وفي مواقع حساسة و هامة في الدولة وكانت صاحبة القرار من حيث التركيز على معرفة تاريخ الأردن من الفه الى يائه.
كثير من الأحيان يلاحظ العديد من الشخصيات والتي تتباهى بامتلاكها مكتبات تضم كتب ومصادر ومراجع وأمهات الكتب وبكل اللغات، وتفتقر هذه المكتبات المنمقة كتب عن تاريخ الأردن و من ضحى من اجل الأردن و استقلاله واستقراره. وفي حال وجدت بعض الكتب، ربما تكون من باب الديكور او العذر او ان تكون خلفية لمقابلاتنا التلفزيونية في بث حي ومباشر، وإذا ما حاولت تصفحها، تجد انها لا زالت لم تلمس لا من قريب ولا من بعيد. واذا ما طرح سؤال ما عن تاريخ الأردن، نذهب مباشرة الى مؤشر البحث جوجل - كما اشر الدكتور العناني - لنجد الجواب الفقير في موسوعة ويكيبيديا.
نعم حان الوقت ونحن ندخل المئوية الثانية لقيام كافة الجهات المعنية بمراجعة تاريخ الأردن من اجل سد الفراغ الحاصل في المدارس والجامعات والمكتبات العامة ومراكز الدراسات والأبحاث، وان يكون هنالك مادة رئيسية في الثقافة الوطنية وتاريخ الأردن تدرس في المدارس والمعاهد والجامعات، وان يكون لدى كافة المسـؤولين في الدولة المعرفة والدراية التامة بتاريخ الأردن. وان تكون هنالك ندوات ومحاضرات تتناول تاريخ الأردن والإشادة بكل من ضحوا من اجل الأردن وفلسطين، وان تسجل أسماؤهم بحروف من نور لكي يبقى تاريخ الأردن الناصع البياض محفوراً في قلوب وعقول الأجيال الصاعدة وخاصة في ضوء سهولة الحصول على المعلومة وبكافة الوسائل.
و هنا اقتبس بعض الكلمات من واحد من عشرات الكتب عن تاريخ الأردن للمؤرخ الكبير المرحوم سليمان الموسى رحمه الله ، لتدرس بالمدارس و المعاهد و الجامعات و لتتصدر المكتبات العامة و مكتبات الجامعات الأردنية الرسمية والخاصة ، والمكتبات المنزلية و لتكون متطلب رئيسي في المناهج ، حيث يقول في كتابه " صور من البطولة منشورات وزارة الثقافة للعام ١٩٨٨ الصفحة الرابعة : " لقد قاتل آباؤكم وأجدادكم وجاهدوا ما وسعهم القتال والجهاد ، وضحوا تضحيات حقيقية في سبيل بلادهم ، فلا يستهن أحد بما قدموه ، ولا يسمحن للدعايات الباطلة أن تحول بينه وبين الرؤية الصحيحة والمحاكمة العقلية الرصينة ، لقد وضع أولئك الأجداد والآباء اللبنات الأولى في مدماك النهضة الوطنية الحديثة ، وعلى جيلنا وجيل أبنائنا أن يواصل عملية البناء بأسلحة العلم والعمل والشرف والتضحية ".
واختم حديثي بقوله جلت قدرته، بعد بسم الله الرحمن الرحيم: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً. لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا. صدق الله العظيـم. [ سورة الأحزاب: ٢٣ و ٢٤ ].