( إلى روح الشهيد حسن عبد الحليم الفقيه ابن قرية قطنة )
حَسَنٌ يسنُّ حجارةَ الوطنِ
المضرَّجِ بالجراحْ ..
حَسَنٌ يودِّعُ بيْتَهَ عنْدَ الصَّباحْ
وكما تَعَوَّدَ في السِّنين بلا ارتياح
يتأمَّلُ الحَجَرَ الذي أضْحى له
بَدَلَ السِّلاح
يأتي لجدَّتهِ الصبور
ويقبِّلُ الكفَّ التي أهْدَتْهُ
من رضْفِ الطَّوابين الحجارةَ
قالها : يا جدَّتي
هذي الحجارةُ في يدي
أغْلى من الغيدِ الملاح
* * * * *
حَسَنٌ تغطِّيهِ الهمُومُ
ولَمْ يَزَلْ للأرْضِ شَدْواً ما اسْتراح
ويحدِّث الأولادَ عَنْ آتي الزَّمانْ
وإنْ تحدَّثَ عن ( قطنة )
طمْأنَ الأحْبابَ أنَّ بلادَهُمْ لَنْ تُسْتباحْ
* * * * *
حَسَنٌ يودِّعُ أمَّهُ
وكأنَّهُ في كلِّ يوْمٍ راحِلٌ
ومُفارق
وعلى مِلامِحِه انشراح
أبُنيَّ عشْتَ حبيبَ أمِّكَ
احذرِ الأعداءَ
واحذرْ مكْرَ أبناءِ الحَرَام
فالأرضُ يا ولدي
أرْضُ الأحبةِ والنبيينَ الأوائلِ
والدماء بها قَراح
حَسَنٌ حَبيبُ الكُلِّ
يرقُبٌهُ الصغارُ من الصَّباحِ إلى الرَّواح
ويعودُ بالأحزانِ والأحلامِ
يُهديْهم طفولَتَهُ
التي لم يَنْسَها عُمْرَ الكفاح
ليقولَ : يا أخْتُ اقعُدي حتى الصَّباح
فإذا تأخَّرتُ اركُضي نحو المراح
روحي ابحثي عنّي بهاتيكَ البِطاح
أو ربما زادَ المُزاح
فيقولُ : انْسيْ فالشَّهيدُ له فضاءٌ
والنزيفُ له رياح
*
حَسَنٌ فلسطيني
من أرضِ الصِّراعْ
في أرْضِهِ وسَمائِهِ
صارت هويته الضياع
حَسَنٌ وتَعرفُه كرومُ التِّينِ والزَّيتونِ
تعْرفُهُ الأسنّةُ والأعنّةُ والحجارةٌ في القلاع
دوْماً يفكّرُ في القُرى
خلْفَ المخيّمِ والمدائِنِ
والمشــاع
ولها يغنِّي
موْطني يا موْطني
ويهيمُ حُبَّاً د فالصّبيّةُ حُبُّهُ الثَّاني
ترَّبتْ في القطاع
وإذا رأى أخوْيهِ يبْكي
للطفولةِ في خُشوعٍ
ما لدَمْعَتِهِ انقشاع
يا ربِّ : جنِّبْهمْ عدوُّ بلادنا
بشفاعة القرآنِ والإنْجيلِ
والهادي الشَّفيع
من صُلْبِ شعْبٍ يَرْتجي أهلاً
يهيمُ مشرَّداً
عَرَفتْهُ شاسِعةُ البراري لاجِئاً
أمَّا المنونُ وطَعمها
فلعلَّهُ الشَّيءُ الذي لم ينْسَهُ
ولعلَّهُ الزَّادُ الذي وافاهُ
في كُلِّ البقاع
عُذراً أخي
ما ضاقَ بالحبِّ الكبير وحجْمِه
إلاَّ ضحايا الانْصياعْ
حَسَنٌ يقول : أنا لفاشسْتٍ رُعاع
حجَرٌ تحدَّى في مواجهةِ
الغزاةِ وما أطاع
* * * * *
حَسَنٌ جميلُ الوجْهِ يهْفو للقصيدة
حَسَنٌ بنا والحُسْنُ يا أختي البعيدة
لن يُعْدَمَ الإيمانَ في القلْبِ الفسيحِ
ولَنْ تهونَ به العقيدة
* * * * *
يا ليتني كنْتُ الصَّواعِق يا حَسَنْ
كيْ أحرِقَ الأعداءَ .
إذْ راعوا الأحبةَ في الوطَنْ
يا ليتني كنْتُ الصَّوافِقَ والدَّمار
لجعلْتُ أعداءَ الحياةِ
الزَّارعين الخوْفَ في قَلْب الدِّيار
هُمْ وحدَهم بعْضَ الثَّمنْ
* * * * *
يا ليتني كنْتُ البحورَ المائجاتْ
لدفَعْتُ أمواجي لتجليَهُمْ
عن الأرْضِ التي اغتَصَبوا
وتغسلَ بَعْدَهُمْ
تلك الرُّبوعَ الطَّاهراتْ
يا ليتني كُنْتُ السيوفَ الماضياتْ
لكنْتُ أشفيْتُ الصُّدورَ الكامداتْ
يا ليتني كنْتُ المشَاكلَ يا حَسَنْ
لزرعْتُ في أيّامِهِمْ كُلَّ المِحَنْ
يا ليت أسْيافاً لنا
صَدَقَتْ كما شاءَ الوطَنْ
لكنّه وَقْتُ التمزُّقِ
والتفرُّقِ لم يَشأ أنْ ينقضي
إلاَّ وفي جنباتِ أقداسِ الحمى
الصَّوْتُ الكريهُ لمنْ رطَنْ
فاخْتَرْتَ أنْ تمْضي وصَوْتُكَ بالصدَّى
ترديدهُ الأبديُّ لَنْ
ترديدُهُ الأبديُّ لَنْ ..
ترديدُهُ الأبديُّ لَنْ
* * * * *
يا ليتني كنْتُ الجداولَ يا حَسَنْ
لأجيءَ للرُوحِ الشهيد
في كلِّ صُبْحٍ في هُنَيْهاتِ المساء
وأكونَ في ظمأِ الظَّما طَلاَّ ندى
قطراتِ ماءْ
كيْ أسْقيَ الأزْهارَ حوْلَك
ولتكُنْ
ثوْباً جميلا لا كَفنْ
غَطّاكَ من ورْدِ الوطَنْ
* * * * *
يا ليتني كنْتُ السفوحَ الحانياتْ
وبنسْمتي أهفْو إليْكَ
الطِّفُ الجوَّ الشَّديدَ
وأحضنُ الوجْهَ الشَّهيد
أعُطيهِ من عظْمي
ومن قلْبي مَلاذاً إذْ يعزُّ على الشَّريد
يا ليتني كنْتُ السَّواقي البارداتْ
كيْ تستْقي مائي الصَّبايا التَّائهات
تبْتلَّ من مائي قلوبُ الوارداتْ
ترْتاد منِّي القَطْرَ جرَّاتُ البناتْ
عنْدَ الغروبِ يزرْنَني
يَسْألنَني يا ساقية :
هَلاَّ رأيْتِ لنا حَسَنْ ؟
أرأيتهِ مجْروحَ ساقٍ أو قدَمْ ؟
فأجيبهُنّ وفي شراييني ألَمْ :
قَد كانَ عندي أي نَغَمْ
قَد بل وجْهاً وارتوى
ومضى على سيماهُ
باديةٌ تعذِّبه أعاصيرُ الزَّمنْ
يا ليتني
كفكفْتُ دمْعَك يا حَسَنْ
وليتني رفْرَفْتُ عصفوراً حَنونْ
أشْدو إليْكَ وللصِّغارِ إذْ بدمائِهم
كتبوا عَبارةَ لَنْ نَخونْ
كتبوا عَبارةَ لَنْ نَخونْ
الدستور