أدلى كثيرون بآرائهم حول فراغ خزان سد الوالة من مياهه تبعه في الفراغ خزان سد الموجب إلى أن وصل الفراغ خزان سد التنور على وادي الحسا. وما لا يعلمه العديدون منهم هو كيفية تشغيل السدود الثلاثة بالتوافق بين خزاناتها. وغريبة آراء البعض وكتاباتهم لها عن مقدرة صمود سد الوالة بعد تعليته لضغوط مياه الخزان بعد ارتفاع منسوب سطحها وهو المقصود من التعلية ومبرر الإنفاق الرأسمالي الذي تم إنفاقه لذلك.

ولقد أحجمت عن الإدلاء برأي حيال الموضوع قبل أن ألمّ بحيثياته، وتسنى لي ذلك مؤخراً. وتبين لي أن الشركة الهندسية التي أنيط بها تصاميم التعلية للسد هي شركة مؤهلة وذات سمعة عالمية، وهي التي قامت بتصاميم سد الملك طلال، كما تبين أن تنفيذ التعلية، وبشهادة الشركة الاستشارية المشرفة على التنفيذ، تم حسب المواصفات والتصاميم وعلى مستوى عالٍ من المهنية والنوعية.

وارتأيت أن أقوم ببعض الحسابات لفحص ثبات التعلية لو امتلأ السد وفاض مفيضه، وتبين لي أن ثبات السد لا شك فيه، وصحيح أن الجزء الخرساني من التعلية ترتاح قاعدته على قمة النواة الطينية للسد الأصلي، إلا أنها نواة تم دمكها أثناء البناء حتى غدت مادة صلدة لا تعتريها عيوب النفاذية بدليل أداء السد قبل تعليته. وهي بخصائصها الميكانيكية التي اكتسبتها بالدمك قادرة على تحمل الضغوط المترتبة عليها جراء التعلية.

ولقد أجريت بعض الحسابات الخاصة بالاتزان بعد التعلية وتبين أن ثبات الجدار المقامة قاعدته على قمة النواة مضمون ضد الانقلاب وهو بتصميمه وتنفيذه مضمون ضد الانزلاق، ولم يُختبر السد بملء خزانه الجديد بعد التعلية. فوا عجبا والله من علو أصوات الادعاء بخطر انهيار السد يطلقها أفراد ليس الموضوع ميدانهم ولا هم فرسانه. فليكن اعتمادنا على ذوي الخبرة والاختصاص ولا أقل واجباً علينا من العمل بتوصياتهم.

أما جفاف الخزانات الثلاثة فيجب النظر إليه من وجهتين متلازمتين: أولهما الوارد المائي لتلك الخزانات جراء الهطول المطري أثناء السنة 2020-2021 وخسارات التبخر، وثانيهما الطلب الذي ترتب على مياه خزاناتها ويدخل هذا الثاني في صلب إدارة التشغيل للسدود الثلاثة.

ولعلم الراغبين لا بد من التنويه أن ما يهطل على البلاد من مطر يتبخر منه دون فائدة مرجوة 80,5% ويبقى 19,5% موزعة بين المياه السطحية والمياه الجوفية ومثلهما من المياه الخضراء وهو التعبير المستعمل للتعبير عن مكافيء رطوبة التربه المختزنة فيها جراء الهطول المطري وهي المياه التي تدعم الزراعة البعلية. وهذه (السطحية والخضراء) عرضة لمزيد من التبخر بمرور الوقت على هطولها وجريانها وتخزينها واستعمالها.

والطلب على مياه تلك الخزانات، ترفدها مياه وادي زرقاء ماعين المالحة نسبياً، نما كمياه بلدية تضخ بعد التحلية في غور الرامة إلى عمان وإلى فنادق البحر الميت، وللصناعة بتحويلها جنوباً إلى شركة البوتاس العربية في غور النميرة وفي الزراعة في الأغوار الجنوبية (الصافي والنقع والسمار). وبجفاف الخزانات تبقى هذه الاحتياجات معتمدة على التزويد من التصريف الأساسي لأودية الهيدان والموجب والحسا ووادي زرقاء ماعين. وليس أدرى لإدارتها من الكوادر القائمة عليها.

وأرى أن من واجبنا كمستهلكين وكأردنيين معنيين بمواردنا وإدارتها، أن ندعم القائمين على إدارة موارد المياه واستعمالاتها وأن نشد على أياديهم كي يبذلوا قصارى الجهود في إدارتهم للأزمات، وهو ظلم كبير أن تذهب بنا الظنون إلى اتهام أي منهم بالتقصير دون تمحيص وبيان الدليل من جهات مؤهلة قادرة. وبخلاف ذلك نعمل على تعريض بلدنا لعواصف الإشاعات البريئة منها والمغرضة، وواجبنا أن نكون رديفاً للأمن العام وللقوات المسلحة في حمايتها والدفاع عنها وضمان استقرارها.