الاصلاح بين الارادة السياسية وثقافة المجتمع
د. عاكف الزعبي
18-11-2021 03:36 PM
تحديث واصلاح المنظومة السياسية والانجاز الفعلي على هذا الطريق يتوقف على عاملين ، الاول توافر الاراده السياسيه القويه والثابته ، والثاني توافر الثقافة المجتمعية القادره على الاستجابه لمتطلبات التحديث والاصلاح السياسي بمقدار ما تحمله من قيم إيجابيه .
في الاردن يمكن القول أن الاراده السياسيه للتحديث والاصلاح متوافره اليوم كما لم تكن في أي وقت مضى ويتمثل ذلك بموقف جلالة الملك الداعم للاصلاح وإعلانه لنفسه ضامناً له في أول بادرة من نوعها في تاريخ المملكه .
الرهان اليوم هو على مدى ما يملكه المجتمع من قيم ثقافية قادره على ان تستجيب لاستحقاقات الحياة الديمقراطيه وتساعد على تحقيقها وتنميتها وادامتها خصوصاً بعد التراجع القيمي الذي نتج عن معطيات الربيع العربي بصورة عدم التزام بالقانون ، ونمو الهويات الفرعيه ، والانتخابات العشائريه وشراء الاصوات وتراجع الثقه بمجالس النواب الى حد كبير ، وتراجع الاهتمام بالشأن السياسي امام الازمة الاقتصاديه الناجمه عن أزمة كورونا .
القيم الثقافيه المجتمعيه لا تبنى بيوم وليله ، بناء ثقافه جديده يستغرق وقتاً طويلاً لأنه ينطوي على تغيير في السلوك الاجتماعي مما يحتاج إلى تخطيط مسبق شامل وطويل الاجل . فالثقافات المناسبه لانجاز الاصلاح السياسي من جانب المجتمع تبدأ بالالتزام بالحوار ، واحترام الرأي الآخر ، واتقان عمل الفريق ، واحترام قيمة العمل ، والالتزام بتطبيق القانون ، وتغليب المصلحه العامه على المصلحة الخاصه، وتقديم الولاء للهوية الوطنيه على الهويات الفرعيه .
القيم الثقافيه لدى المجتمع سوف تكون هي العامل الحاسم في نجاح جهود الاصلاح الثقافي . وبالمقارنه اذا ما أمكن للحكومة ان تمضي في تنفيذ مخرجات اللجنه الملكيه بنسبة 50% كسقف متوقع لها ، فإن ثقافة المجتمع لن تسهم باكثر من 20% مما هو مطلوب منها للسير في الاصلاح السياسي . ويمكن التعويض عن تدني هذه النسبه من جهة الحكومه بالتطبيق الحاسم والعادل للقانون والاسراع في الاصلاح الاداري.