الإدارة علم وفن في الارتقاء بالأردن الى القمة
الدكتور خلدون راغب الخطيب
18-11-2021 01:41 AM
اختلف العلماء وأساتذة الإدارة على تصنيف الإدارة كعلم أو فن، وكتب في ذلك الكثير من العلماء، واختلفت فيه الآراء والإجتهادات، ولكن أعجبني ما قاله وكتبه الأستاذ الدكتور بشير الخضرا أستاذ الإدارة في الأردن بهذا الخصوص، أنه إذا أخذنا المفهوم المتشدد للعلم، فالإدارة ليست علم وإذا أخذنا المفهوم غير المتشدد للعلم فإن الإدارة تعتبر علم.
أردت أن أذكر هذه المقدمة لأؤكد أن التوافق والإنسجام بين العلم والفن وحب الوطن والعمل البنّاء المخلص هو ما يخلق الإبداع والإبتكار والتميز الخلاّق. فكم شهدنا في الأردن جهات حكومية كبيرة عريقة تم إدارتها بحكمة وحنكة وذكاء وإقتدار وتميّز رغم عدم الإختصاص من جهة شاغلي هذه المناصب، ترى أين يكمن السر ؟؟؟
يكمن السر في أن مهنة الإدارة تركز على مؤهلات مفقودة أكثر مما تركز على المؤهلات الموجودة، وعندما يتقلد الشخص منصباً حكومياً فإنه لا يكون مسؤول عن نفسه، بل مسؤولاً عن الآخرين، فالإدارة هي مهنة التحديات المستحيلة، وإتجاهاتك هي التي تحدد إرتفاعاتك، فالإتجاه الإيجابي يعلو بك إلى الآفاق والإتجاه السلبي يأخذك إلى الحضيض، فإما أن يكون سلوكك كمدير مصيدة توقعك في شر أعمالك أو أن يكون فضاء حسناً يسمو بك إلى الريادة وأعلى القمم، فالناس هم الأساس وأهم ما نملك وهذا ما يتطلب من المدير أن يكون قائداً واعياً مربياً قدوة مؤثرة لأن الموارد البشرية الذين يخدموا في معيّته هم مزيجاً متكاملاً من المشاعر الإيجابية والمعرفة العلمية والأخلاق الشخصية الذاتية.
وأعتقد أيضاً أننا إذا أردنا أن نخلق الريادة والتميز الإداري المؤسسي لوزاراتنا ودوائرنا ومؤسساتنا الحكومية في الأردن فيجب علينا أن نحسن اختيار القيادات والمدراء المشهود لهم بالإبداع والإبتكار وحب الوطن والوطنية والقادرين على خلق المنافسة وثقافة التغيير وإحلال مفاهيم جديدة في العمل.
فالمدرسة الإماراتية التطويرية الرائدة ( مدرسة دولة الإمارات العربية المتحدة ) التي أعتز وأفتخر إنني كنت أحد منتسبيها علمتنا أن القائد هو الأساس في التفكير والتطوير والتغيير وفهم الآخرين والتأثير بهم، فليس كل مدير قائد ولكن يمكن للقائد أن يكون مديراً. أضف إلى ذلك أننا إذا نزعنا عنا ثوب المحسوبية والواسطة ولبسنا ثوب النزاهة والعدالة والشفافية وجردنا أنفسنا من التحيّز والإعتبارات الجغرافية فإننا سنصل إلى ما نصبو إليه، فالأردن في هذه المرحلة الحرجة من تاريخه يحتاج إلى رجال قامات في العدالة والنزاهة وحب الوطن من شماله وجنوبه وشرقه وغربه أمثال شهيد الوطن والأمة دولة وصفي التل، لا يفرّقون بين أردني وآخر إلا بمقدار إنتماؤه وولاؤه وعطاؤه لهذا الوطن والعرش الهاشمي.
أدام الله الأردن عزيزاً قوياً آمناً بهمة أبناؤه المخلصين.