اختزل جلالة الملك عبدالله الثاني طبيعة العمل في المرحلة القادمة في التركيز على تحديث المنظومة السياسية على أرض الواقع، ضمن برنامج عمل يتعلق بتمكين الشباب والمرأة، وتطوير تجربة الإدارة المحلية، بالإضافة إلى أهمية إنجاز الجانب التشريعي المتصل بالتعديلات الدستورية وقانوني الانتخاب والأحزاب.
وأشار للسير قدما نحو تطوير الدولة العصرية التي تتبنى القيادات الشابة الواعية لمفهوم روح العصر والمتسلحة بأدواته -الشباب عامة بغض النظر عن الجنس ذكر أو أنثى-، الذين تمكنهم برامج تدير آلياتها الأحزاب التي يقع عليها دور التنقيب عن الشباب واكتشاف المبدع والمفكر والألمعي واستقطابهم لبرامج ومنهجيات تصنعهم على المدى الطويل، وتقدمهم في أدوار سياسية ومجتمعية مختلفة للتأسيس لحكومات سياسية تدير المرحلة الحالية وتخطط للمراحل القادمة، فإن كنا ننطلق كدولة عصرية فلماذا تستمر القيادات التقليدية التي تعيش في جلباب أبيها بتصدر المشهد السياسي، والمشهد العام الفعلي في الدولة؟
وعلى الأحزاب أن تسعى جاهدة لإماطة اللثام عن الصورة الحزبية المشوشة العالقة في ذهن المجتمع عن الأحزاب والعمل الحزبي، ودفع برامجها نحو زيادة الإقبال الشعبي والجماهيري على العمل الحزبي، لتتمكن من تشكيل أغلبية برلمانية أو ائتلافات برلمانية قادر على تشكيل حكومات حزبية وبرلمانية، وتطوير المنظومة مرهون بالأحزاب السياسية، وتعديل قانون الأحزاب السياسية وقانون الانتخاب والدستور الأردني، بما ينسجم مع مصلحة ومستقبل الأردن من خلال صنع الإرادة الحقيقية لتطوير الحياة السياسية والحزبية في الأردن.
لقد حان الوقت لتوفير حاضنات تصنع حكومات ظل شبابية تكون معدة وجاهزة لتولي شؤون الدولة العصرية، تستوعب المتغيرات المختلفة وتنطلق للتأثير والتغيير في الاتجاهات المطلوبة مستفيدة من المعطيات العلمية والتكنولوجيّة مع الاحتفاظ بالقيم الإنسانيّة والحضارية والتراث، والسعي لحفظ كرامة الإنسان والحريّات، مع احترام سيادة الدولة وتقويتها، وتفعيل الشراكة الحقيقية في العمل السياسي لإنتاج دولة متطورة قوية وفعالة أبرز أدواتها ''الديمقراطية" كونها نظام ناجح لإدارة المجتمع ومختلف جوانب الحياة العامة؛ لتأسيس عقداً اجتماعي وسياسي جديد يكون متماشياً مع متغيرات المرحلة الحالية ومع أسس المواطنة والثبات.
وعلى الحكومات الشبابية الاطلاع على الأوضاع الاجتماعيّة بشكل دقيق وعلى مستوى التعليم وطبيعة الرعاية الصّحية والوضع البيئي، وإجراء إحصاء دقيق للإمكانيات البشريّة والماديّة المتوفرة في الدّولة؛ وذلك سعيا إلى تحقيق الرّعاية الاجتماعية لجميع المواطنين، بوضع خطط إنمائية متنوعة ومختلفة تشمل الخطط التربويّة، والرعاية الصحية وتأمين فرص عمل لجميع المواطنين، وخطط حماية ثروات البلاد واستثمارها في التنمية لزيادة الدخل القومي، إضافة إلى تنمية الموارد التي تساعد على تلبية حاجات المواطنين، فالدولة ذاتها أداة لخدمة الشعب، والسهر على راحة المواطنين، وتوفير ظروف إنتاج المواطنة التي يتحلى بها أبناء الشعب كافة بصرف النظر عن انتمائهم الديني أو القومي أو العرقي أو السياسي.
والدولة المعاصرة بحاجة ماسة إلى تحديث المنظومة السياسية وتمكين قيادات شابة ناضجة تمرست في ميادين المبادرات الإبداعية المنتجة، ولديها خبرات متنوعة ومعارف حقيقية مكتسبة من الميدان والعمل الحزبي المبرمج، ترعى المواطن وتقوم بخدمته عن طريق الحكومة ومؤسّساتها الرّسمية، حكومة مؤهلة قادرة على التّخطيط العلمي، والتنظيم السليم وصولا إلى التنفيذ الصحيح. فالدّولة العصرية بمنظومتها السياسية والاجتماعية المحدثة ضمان لاستمرارية التطور الإنسانيّ، ذلك لأنها ترعى شعبها بوعي تام.