في ظهيرة بكين ومنتصف ليل واشنطن كان لقاء القمة الامريكية الصينية وعلى مدار ثلاث ساعات ونصف الساعة كان هنالك حوار معمق وصريح بين الرئيس الامريكي جو بايدن والرئيس الصيني ايشي جين بينغ في قمة هي الاولى بينهما والتي جمعت الاقطاب الاقتصادية عبر شكبة التواصل المرئي في قمة كانت تحت عنوان لا للحرب الباردة ونعم للتنافس البناء في اطار المصلحة المشتركة التي تجمع الشعبين.
ومن على ارضية الندية وقفت الصين حول مبادئ ثلاث واربعة اولويات من اجل علاقات صحية بين بيكين وواشنطن ومن على قاعدة تعيد وصل المتقطع ووفق معادلة تقوم على رابح _رابح وسياسات تعمل على تحويل وعود واشنطن الى افعال جاءت مضامين هذا اللقاء الذي تناول الشراكة البينية الاستراتيجية بين الجانبين وعدم تجاوز الخطوط الحمراء الخاصة في تايوان اضافة الى احترام المسار الاجتماعي للبلدين ومسارهما التطوري المعرفي وهي العوامل التي لابد ان تكوم قائمة لبناء علاقة قويمة تحفظ روابط الوصل من التقطع او الانقطاع جراء حالة التسابق في الصواريخ المدارية او الاوربيتية القائمة والتي وصلت الى حدود التشابك او الاشتباك في المحتوى المداري الاستخباري عندما لامست نقاط حرجة بين الطرفين في اطار حالة التسابق القائمة بالصناعة المعرفية للذكاء الاصطناعي خاصة ما يتعلق منها بالشفيرات الافتراضية المدارية.
الرئيس بايدن حاول احتواء تخوفات بكين من خلال توجيه رسالة طمأنة للقيادة الصينية حملت عناوين مباشرة واخرى ضمنية قال فيها ان الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان بل تعمل على فرض حالة من الاستقرار في مضيق تايوان وهذا ما جعل من المناخات الحدية الهادئة التي سادت اللقاء تكون اكثرا دفئا لا سيما بعدما قام الرئيسان باجراء مكالمة هاتفية وعلى مرتين متتاليتين لتوضيح صور كانت تتعلق بنقاط اشتباك سياسية وعسكرية بين الجانبين على حد وصف بعض المتابعين.
معادلة رابح - رابح التي اتفق حولها الجانبان هي المعادلة التي انتجت حالة من التوافق الذي يمكن البناء عليه مستقبلا في ايصال ما يمكن وصله من علاقة تبعد شبح الانزلاق لميادين استخدام القوة والتي بينها الرئيس بايدن في معرض حديثه بحيث تقوم على عدم تغيير النظام السياسي او الاجتماعي في الصين مقابل عدم تغيير الوضع القائم في مضيق تايوان وهذا ما تم اسقاطه ايضا على نقاط التماس في التبت ومناطق الايغور او تركستان وافغانستان وايران وهي التي تعتبر نقاط اشتباك نفوذي ميداني وبهذا يكون الجانبان قد توافقا على بعض النقاط واتفقا على وقف التصارع الضدي بين الجانبين في المسارات المدارية كما في المراكز الميدانية.
الرئيس جو بايدن الذي وعد بان لا تكون هنالك حرب ضد السلع الصينية كما وعد برفع يد المخابرات الامريكية والاستخبارية عن الصين وهذا ما جعل من الصين تكون في وضع اكثر استقلالية منذ الحرب العالمية الثانية ولكنه في ذات السياق اعطى الصين مشروعية الحالة القطبية الجديدة على حد وصف بعض السياسيين.
وهو ما يأتي ضمن استراتيجية الرئيس جو بايدن الجديدة التي تقوم امريكا فيها على اخذ المبادرة والتفاعل الدبلوماسي وفق استراتيجية سياسية تقوم على الاحتواء واعادة الصياغة وهو ما فرضته امريكا ليكون قائم في جوانبه الاولى حتى عام 2025.
هذا لان الصين لن يكون بمقدورها اللحاق بركب الولايات المتحدة حتى هذا التاريخ في المجالات العسكرية او التقنية المعرفية او حتى الاقتصادية ذلك لان الهوة بين الولايات المتحدة والصين في ميزان التنافسية مازلت واسعة وان كانت الصين ستكون قادرة بناء على المعطى الجديد بالانتاج وتسويق منتجاتها بمجالات متعددة لكن ضمن السقوف المعطى لها في العلوم المعرفية كما في المنازل والمساحات الاقتصادية التي تتحدث عن الكم دون الوصول للنوع والعلوم الخاصة.
وبهذا يكون الرئيس جو بايدن قد نجح في وضع الصين على الاطار الناظم لدورها مع اعطائها احقية العمل كما شرعن الرئيس ايشي جين بينغ ليصبح قائدا النهضة الصينية الجديد المحدث لرسالة نهجها بعد ماو سي تونج الذى كان قد وضعها فى الاطار الشيوعي لكنها بقيت تدور في فلك الاطار الاقليمي المحدد بجملة استراتيجية معلومة ومساحة اقليمية مبينة وضاغطة من واقع اطارها الذي يقوم من الشمال الأسترالي الى جنوب الامة التركية.
(الدستور)