يعد الأردن من أفقر عشرة بلدان في العالم قياساً لمعدل هطول الامطار السنوي الذي يتوقع أن يقل بنسبة ٣٠ ٪ لهذا العام مما سيفاقم العجز المائي الذي قارب تخوم ٣٥٪، كما أن نصيب الفرد السنوي من المياه في بلادنا يساوي ١٠٠ متر مكعب، أي أقل من خمس ما يعتبره العالم حدود الفقر المائي، هذا إضافة الى التغيرات المناخية والمخاضات الإقليمية.
تختلط في ملف المياه الكثير من الأوراق والقضايا، كقضية المياه الجوفية التي تشكل ٥٠ ٪ من مصادرنا المائية عموماً وينقسم استخدامها بين الشرب والزراعة، فقد عانت من سوء إدارة متواصل منذ ثمانينيات القرن الماضي الى اليوم، هناك (١٠) أحواض جوفية من أصل ١٢ حوضاً في الأردن تجاوزت حدود السحب الآمن، أي أن ما نقوم بضخه منها يفوق ما يجدد مخزونها، وقد بلغ هذا الفارق في بعض الأحيان الضعف، وهذا لا يحمل خطر نضوبها فقط، لكنه يؤثر على جودة مياهها وتكلفة استخراجها.
ارتفعت حصة المياه الجوفية في موازنتنا المائية من ١٣٨ مليون متر عام ١٩٨٠ الى ٢٠٠ مليون متر عام ١٩٩٠ و ٢٥٠ مليون متر في عام ٢٠٠٠ حتى وصلت الي ٦٦١ مليون متر عام ٢٠١٩، وهذه الزيادة ذهب ثلها للاستعمالات الزراعية، التي تعاني من اختلالات بنوية تتمثل في عدم مراعاتها للمواطن الطبيعية للمحاصيل التي يتم زراعتها مقابل التركيز على عوائد تصديرها إلى الخارج وغض الطرف عن احتياجاتها المفرطة للمياه كزراعة محاصيل البندورة والزيتون في المرتفعات الشمالية، أو محاصيل الموز والشمام في الاغوار والجنوب.
استعمال التقنيات الحديثة في الري والزراعة واختيار المحاصيل المناسبة، إضافة الي استثمار مصادر المياه المعالجة المخلوطة مع مياه الامطار قد يساعد في إعادة استثمار مياه الآبار الجوفية للشرب اذ تبلغ نسبة الآبار المستثمرة للزراعة حوالي ٦٧٪ من مجموع الآبار في المملكة.
هذا بالإضافة لملف الفاقد الفني والإداري في عملية نقل المياه وتوزيعها، إذ يساوي معدل هذا الفاقد ٥٠ ٪ أي أننا نفقد نصف المياه التي يتم ضخها من مصادرها الرئيسية، فالخلل الفني في شبكات النقل الذي يسببه التزويد على أساس حصص أسبوعية بضغط مرتفع بدل التزويد المستمر يعمل على تقليل العمر الافتراضي لهذه الشبكات، إذ يبلغ فاقد عمان حوالي ٤٠ ٪ مقابل ٢٦٪ للعقبة التي تتبع التزويد المستمر، هذا إضافة إلى ٤٥ ألف اعتداء سجلت على الشبكة بين ٢٠١٣ و ٢٠٢٠.
ناهيك عن قضية السدود، فمن أصل ١٤ سداً في المملكة (٣) فقط مياهها صالحة للشرب، بمجموع كلي لمخزون هذه السدود لا يتجاوز ٣٠،٦ ٪ من سعتها الكلية، وتوقعات لنسب هطول أقل في كميتها وأعلى في غزارتها في المستقبل القريب اذ أن ٩٤٪ من الامطار يضيع نتيجة ارتفاع الحرارة وأماكن الهطول ونوعيته مما سيجعل الاستفادة منها أصعب، وهذا يجعل التوجه نحو انشاء الحفائر والبرك والآبار المنزلية ذات الكفاءة المرتفعة في التخزين حلاً متوسط الكلفة وقابلاً للتطبيق.
حساسية ملف الأمن المائي عالية جداً، مما يوجب علينا طرق أبواب جميع الحلول المتاحة من تحلية مياه البحر الأحمر إلى تغليظ العقوبات على الاعتداءات، وتشجيع الترشيد وإعادة تعريف أولويات استهلاك المتاح من المصادر، بغير ذلك نكون أمام مستقبل عطش للأردنيين بحصص فردية قد لا تتجاوز ١٥ متراً للفرد لا قدر الله..
Saifalrawashdeh0@gmail.com
الرأي