الوصول الى بيئة حاضنة للحياة الحزبية لتشكيل برلمانات المستقبل
د. دانييلا القرعان
17-11-2021 12:23 AM
إن جوهر نجاح عملية الإصلاح السياسي خلق بيئة حاضنة للأحزاب، عبر إعادة النظر بالقوانين والتشريعات الناظمة للحياة الحزبية من خلال توسيع نطاق المشاركة السياسية، وإزالة كافة المعيقات التي تحول دون تطور النشاط الحزبي وصولا لمجلس نيابي ترتكز تشكيلته ع أطر وأسس برامجية تستند على كتل وقوائم حزبية، والعمل على ضرورة تطوير المنظومة التشريعية لعمل الأحزاب من خلال تمكين كافة ألوان الطيف السياسي للمشاركة في عملية صنع القرار، ومما يؤكد ذلك الكثير من الحزبيين يرون أن مخرجات الجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية تشكل بارقة أمل أخيرة في سبيل تحقيق الإصلاح المنشود وتحديث المنظومة السياسية والحزبية.
خطاب العرش السامي وضع الجميع أعضاء مجلس الأمة وجميع أطياف الشعب الأردني امام استحقاقات الهدف منها الإسراع من عملية التحديث السياسي والإصلاح الاقتصادي والإداري. أمام هذا الخطاب نحن أمام مسؤولية تشريعية لمناقشة قانوني الانتخاب والأحزاب السياسية بهدف الوصول الى بيئة حاضنة للحياة الحزبية لتشكيل برلمانات بحيث يكون للشباب والمرأة دور بارز.
عملية الإصلاح السياسي لا تقتصر كما أراد جلالة الملك على القوانين والتشريعات الناظمة فحسب، بل تمتد لتشمل تطورات اجتماعية وثقافية، والتركيز في هذه المرحلة الهامة من عمر الدولة ترتكز على تطوير أحزاب سياسية تستند الى برامج قابلة للتطبيق وتخدم بالدرجة الأولى مصالح المواطنين وتحقق مشاركة فاعلة على جميع المستويات الوطنية والمحلية من أجل التقدم نحو برلمانات حزبية.
وحول ما صرح به جلالته لن نسمح بإعاقة العمل الحزبي او التدخل فيه، وأن الطريق الآمن للوصول الى دولة دمقراطية حزبية وتحقيق التحديث المطلوب هو الانتقال ضمن برامج واضحة المعالم من أجل أن نحافظ على الاستقرار والمكتسبات التي سيجنيها العمل المشترك.
وللوصول الى بيئة حاضنة للعمل الحزبي وبرلمانات حزبية برامجية علينا أن ندعم مشاركة الشباب في تشكيل الأحزاب السياسية والانخراط بالعمل الحزبي، وتوسيع تمثيل الأحزاب السياسية نفسها للمجتمع الأردني عبر تحفيز الشباب على تشكيل أحزاب سياسية برامجية، والمشاركة فيها بحرّية وفاعلية، وتعزيز الدور السياسي للمرأة والأشخاص ذوي الإعاقة في الحياة الحزبية والعامة، وتسهيل مهمة الأحزاب السياسية في تأهيل القيادات الكفؤة وخاصة الشابة منها، والقادرة على التعامل مع التحدّيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتولي المناصب الحكومية، والالتزام بآليات العمل النيابي، وتمكين الأحزاب السياسية من المشاركة في الانتخابات بأنواعها عبر تجويد برامجها واستقطاب الناخبين والمؤيّدين لها، ومساعدتها على الانخراط في قضايا الشأن العام والمساهمة بوضع حلول لها، للوصول إلى مجلس نواب عمادُه الكتل البرلمانية الحزبية الفاعلة.
التركيز في المرحلة القادمة على برامجية حزبية لحل مشاكل حقيقية ومواجهة تحديات يشار لها كالمعضلة الاقتصادية ومكافحة الفقر والبطالة، ورغم أن البيئة التشريعية للقوانين العصرية للانتخاب والأحزاب ربما فيها الكثير من العناصر الجاذبة، إلّا أن مشاركة الشباب السياسية ما زالت محدودة. بمعنى ان تطرح الأحزاب بعد تمكينها ماديا من قبل الحكومة برامج تشغيلية هادفة لتشجيعهم ع الانخراط معهم. كما أن الأحزاب تفتقر لبرامج مقنعة وإن كان البعض يمتلكها فهم غير قادرين للوصول لقبة البرلمان لضعف استثمارهم بالشباب بالحياة السياسية-، والبعض يعزي الأسباب؛ لأن الأحزاب في الجامعات انتماء لا ممارسة للحفاظ على العملية الأكاديمية والعلاقة البينية بين الطلبة وأعضاء هيئة التدريس.
إلا أن الشعب الأردني بعامة والشباب بخاصة قد مرَّ بتجارب تميّز طابعها بالإحباط والخوف لدرجة أن كلمة حزب ارتبطت بالممنوع والمحظور وعدم الأهمية والعزوف. وبات الشباب يسلم للأمر الواقع ويكتفي بالمراقبة وعدم التدخل بالسياسة، ومن هنا فإن عقدة الخوف واليأس لازمت الشباب، وارتبط العمل الحزبي لا شعوريا بالعقاب والتجريم، لذا كثيرا من فئات المجتمع وبخاصة الشباب مالت إلى الابتعاد عن المشاركة بالعمل الحزبي، ولا تزال هذه الثقافة سائدة وعلينا العمل ع الغاءها حتى نتمكن من الوصول الى بيئة حاضنة للحياة الحزبية و تشجيع الشباب للانخراط بالعمل الحزبي وهي متجذرة لدى الكثير من الشباب سواء الخوف من العواقب الامنية او الخوف على المستقبل الوظيفي، وللأسف ما زال هناك تدقيق امني في اغلب الاماكن عند التوظيف بإن لا يكون الشاب او احد افراد اسرته منتميا الى أي حزب سياسي.
(الدستور)