يقول المثل (عمر الدم ما بصير مي) ولكنا رأيناه قد اصبح ماء واثبت انه من فصيل اخر دم فاسد نوعه غريب واطواره مختلفة اسود داكن اشبه بالقطران يسير في شرايين عفنة وقلوب حاقدة وحاسدة بعضها ظاهر والاخر خفي، ومثل اخر يقول ( والظفر لا يخرج من اللحم ) ولكنه خرج واستبدل بالقيح والصديد نخباً يليق ان يقدم الى زمرة المتآمرين والافاقين واصحاب المواقف المخزية ومن عكروا الصفو ليصطادوا في الماء العكر نسأله تعالى ان يعكر صفوهم وان يفضح امرهم وان يجعلهم كالمجانين يتوهوا في الشوارع وتنحرف بوصلتهم ويلعب بهم الاطفال ولا ادري ما هي حجتهم امام اناسهم وقد انكشف.
عندما يصبح الدم ماء.. تصبح المحبة عداوة وشحناء، يستهين المرء بكرامة أخيه، ويهدم بكل سهولة سور الولاء.
عندما تفتل حبل المودة ويصبح العيش غثاء.. ويمسي الإناء فارغا، والمقاعد خالية، يسفيها الهواء.
كأن القوم في هذا المكان ما تسامروا، وتناسبوا وبايعوا بعضهم.. أن يقفوا صفا واحدا في السراء والضراء.. لكن بخستهم نقضوا العهد، ومزقوا بند الوفاء.
كيف تباعدت الأكف التي تصافحت عن بعضها، واستقرت الكراهية بينهم في وسط الأحشاء؟ أهكذا ينسى الود في لحظة وتباع الضمائر دون حياء؟
ويأتيك رجال في العيد يلبسون افخم الثياب ويجلسون على الكراسي حتى يراهم كل من في المسجد يرون حسن هندامهم الذي هو بالاصل من مال رحمهم الذي سرقوه ولا يقصروا بل ويتذكرون الرحم ويذهبون يهدوها من مالها المنهوب، وعندما يعزمون رحمهم يعزمون من مالهن، وهم كثيروا الولائم وايضا ليس من مالهم بل مال رحمهم الذي اكلوه " الا لعنة الله على الظالمين " هل ما زلتم مصرين ان الدما لا تصبح ماءً؟!
عندما تصبح النظرة سهم عداء.. ويشعل الحسد باللؤم والضغينة الأفئدة السوداء.. تغيب بكل أسف الحقيقة وتزيف الأنباء.. ينقلب الصدق كذبا.. والحق ظلما.. بلا خوف من رب السماء.. ويل لكل قلب نجس بل انجس من نجاسة البول، من أجل حاجة في نفسه النكراء يخرب فضاع معنى اللغة الواحدة، وتأوه حرف الضاد.. وأصبحت الأحرف الشقيقة منشقة الأهواء، عندما يصبح الدم ماء.. ترقب البراكين تنفجر بالعداء.. يأتيك بغدره يسقيك العلقم.. يتركك وحيدا مكسورا مكلوما كأنك في يوم أعطيته بيديك الدواء.. هكذا يصبح الدم ماء.. هكذا يصبح الدم ماء.