لماذا لم نكتب تاريخنا بعد .. ؟!!
أ.د عمر الحضرمي
10-07-2010 05:34 PM
هناك أحاديث كثيرة، هذه الأيام، ما أن تسمعها حتى يرتفع حاجباك عجباً وتعجّباً. وهناك حقائق عديدة ما أن تواجهها إلا وتقلّب بصرك في السماء تبحث عن قبلة ترضاها. وهناك قضايا لا حصر لها تترك المرء حيراناً لا يدري ماذا يقول.
ومن ذلك، هذا الإهمال المُفجع لعملية توثيق تاريخ الأردن، مع تقديري واحترامي لتلك "الفزعة" القصيرة الأمد التي فزعتها مؤسسة آل البيت، وذلك التعاطي الخجول الذي مارسته وزارة الثقافة، وذلك الجهد الخير، ولكنه محدودٌ مقطوع، الذي قام به مركز التوثيق الملكي الأردني الهاشمي.
ومما يزيد من حجم الخلل والقلق، أنه هناك مجموعة من الشباب الذين درسوا علوم التاريخ والسياسة والاجتماع قد ذهبوا فُرادى فبحثوا ونقبوا وكتبوا ودرسوا إلا أن جهدهم غاب في أدراجهم، بعد أن يئسوا من الاهتداء إلى من يتحمل مسؤولية وضع ما تحصّلوا عليه موضع التنفيذ الجاد، لرصد الحراك السياسي والتاريخي والاجتماعي في الأردن. ومن هؤلاء، مثلاً، الدكتور مهند مبيضين الذي درس التاريخ من مداخله الاجتماعية والسياسية والفكرية والاقتصادية والثقافية، فما أن تجلس إليه إلا وتحُس أنك تتعرض "لشلال" من المعلومات و"لزوبعة" من التحليل والقراءة الواعية. كما أنك تدهش من حجم الانتاج العلمي الذي أنجزه والمعترف به ليس في الأردن وحسب، ولكن في كثير من الدول العربية مثل لبنان وسورية ومصر والمغرب والجزائر والسعودية واليمن. ومع كل ذلك فهو غير قادر على مواجهة الشد العكسي الذي تتعرض له محاولة كتابة تاريخنا.
إن كتابة التاريخ الأردني تحتاج إلى برنامج على مستوى "الدولة"، لا على مستوى وزارة أو دائرة أو جامعة. لذلك فإن هناك سؤالاً يطرح نفسه، لماذا لا تُشكّل هناك لجنة عليا على مستوى كل الجامعات الأردنية ومراكز البحث والوزارات المعنية والدوائر المختصة، ترعاها الحكومة ورئاسة الوزراء بشكل خاص.
لو أننا استعرضنا مسيرة كثير من الدول، لوجدنا أنها تحرص كل الحرص، على كتابة تاريخها السياسي والاجتماعي والفكري والثقافي لما في ذلك من أهمية في صياغة "الدولة" الحديثة، من حيث تكوينها الفردي ومن حيث مركزها الدولي.
إن "الدولة" التي لا تكتب تاريخها الصحيح فإنها قطعاً لا تستطيع أن تعرف حاضرها أو أن تستشرف مستقبلها.
إن علينا واجباً نحو الأردن، لابد من أدائه بأمانة وصدق وإخلاص وجدية، وذلك لأن هذا "الأردن" لم يُقصّر معنا ولم يتوان عن إعطائنا هوية الحرية والكرامة والعزة.
فدعونا نبدأ.