لغتنا العربية الفصيحة، هي الموحدة والموجهة والراعية للسان العربي، والمنطوق الفكري والاسلوب التعبيري، والمخزون التراثي والحضاري، والصوت المسموع والايقاع الوجداني الرائع، وتحريك العقل والعاطفة الجياشة، وإطلاق الانغام ونزع صدى الاوهام.

لغة عطرة سامية، ومجافية للاندثار وقابلة للابتكار، ومواكبة للعلوم وارتقاء الفكر، خالية من شوائب الالتباس وشرود المعاني وغرائب الألفاظ، وبها يستقيم اللسان ويتوازن المنطق، وتتحقق المغازي ويظهر البرهان.

تميزت بحروفها الثمانية والعشرين وصنعت البيان والبديع واتسمت بالبلاغة من التشبيه والاستعارة والمجاز وجزالة الألفاظ وخفتها ورونقها وحفاوتها.

تكتب من اليمين إلى اليسار، ومن أعلى الصفحة إلى اسفلها، زاخرة بكثرة مفرداتها وتنوع مترادفاتها وقدرتها على الاشتقاق وجلب المعاني وألق التصوير والتعبير.

ظهرت دعوات غريبة ومحمومة ومشكوك في منشأها لاستبدالها بالعامية وادعاء ان الثانية اقدر من الأولى على مواكبة التطور العلمي ومصطلحاته. فانبرى للدفاع عنها فحول اللغة وصناديدها لرد الدعوة المشبوهة وانصاف لغة الضاد ومكنوناتها فقال البارودي على لسان اللغة:

وسعت كتاب الله لفظا وغاية وما ضقت عن آي به وعظات

فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة وتنسيق اسماء لمخترعات

انا البحر في احشائه الدر كامن فهل سآءلوا الغواص عن صدفاتي.

حري بابناء العربية حبها وتعلمها وهضمها وفهم مكوناتها واسرارها واتقانها والحفاظ عليها.