حادثة إكسبو وحتى لا تكون الصحوة مؤقتة
د. زيد نوايسة
15-11-2021 11:56 PM
لم أصب بالدهشة مما حدث في دبي اكسبو 2020، وما جاد به الشباب المسند اليهم شرح تاريخ بلادنا للزائرين؛ من ضحالة وبؤس معرفي وفقر مؤسف بالحد الادنى مما يفترض أن يعرفه شخص عادي عن تاريخ بلاده فكيف إذا كان مكلفاً بالترويج له وهنا تكمن المأساة؛ ولا أريد هنا أن ألقي اللوم عليهم وأجلدهم، فكما علمت أنهم من ابناء الجالية المقيمين في دولة الامارات العربية المتحدة وربما ولدوا هناك ولكن أستدرك وأقول أن من في جيلهم داخل البلاد ليسوا افضل حالاً منهم.
ما حصل هو تفصيل صغير في مشهد كبير مسكوت عنه منذ زمن طويل، ومن الظلم تحميل حكومة واحدة أو وزير المسؤولية، هناك تجريف تاريخي وحالة قطيعة واغتراب عن كل ما يكرس ويغرس في الناس تاريخهم وثقافتهم ورموزهم الوطنية حتى لتبدو البلاد جرداء مقفرة بلا تاريخ ولا عنوان ولا هوية.
اذهبوا للجامعات واسألوا الاكاديميين واقتربوا من غالبية الشباب، كم يشعر بحجم الفجيعة والتساؤل؟ ماذا تعلم هؤلاء في مدارسنا عن تاريخ بلادهم وحتى في بيوتنا وفي الاندية والمراكز الثقافية غير التخندق في الانتماءات الفرعية والجهوية التي اضحت بالنسبة لكل واحد منهم عالمه ووطنه وسيطرت على تفكيره؟ ومما زاد الطين بله أننا ومن خلال وسائل اعلامنا كرسنا ذلك بأغان لكل مدينة وقرية وحي دون أن نعلي من قيمة تاريخنا الوطني ورموزنا وشخصياتنا الوطنية سواء السياسية او العسكرية او الثقافية.
اذا كان هؤلاء يجهلون أي معلومة مهمة عن الثورة العربية الكبرى ومسارها وقيادتها وهي ركيزة قيام دولتنا وهي تحتفل بمئويتها الاولى وتكرم من ساهم في التأسيس والبناء في كافة ميادين الحياة عبر المائة عام الاولى فكيف لنا أن ننتظر من هؤلاء أن يعرفوا عن هية الكرك وثورة الشوبك ضد العثمانيين ومعركة باب الواد والسموع واللطرون وجنين وعن شهدائها وعن رموز خالدة من رجالات ونساء الأردن؟.
بالعودة لاكسبو، واهمية مشاركتنا فيه؛ أتفهم انها لضرورات المشاركة مع 95 بلدا في العالم وهو امر لا نقلل من أهمية مساهمته في حضور الأردن اهم معرض عالمي، ولكن علينا الا نبالغ في توقعاتنا من المشاركة التي لن تتجاوز الحضور وهو امر مهم ومقدر ولكن الرهان مبالغ فيه على تحقيق عوائد.
من حقنا هنا، أن نسال المفوض المعفى من التكليف، ألم يكن بإمكانه الاتصال مع وزارة الثقافة أو التلفزيون الاردني أو المكتبة الوطنية ويطلب منهم فيلما وثائقيا عن الأردن وتاريخه ويعرضه على شاشات كبرى في القاعة؟ ويكفينا ما جرى، ولكن هذا نتاج طبيعي لإسناد الامر لغير أهله.
الأولوية اليوم، هي لإعادة الاعتبار لمنظومتنا الثقافية والتاريخية من خلال اعادة النظر بشكل جذري بالمناهج التي تدرس تاريخ الأردن وثقافته الوطنية بجعلها إلزامية في المدارس والجامعات، وإعطاؤها وزنا اكبر في المعدل العام بل وإعطاؤها 50 % من التقييم في ديوان الخدمة المدنية لطالبي العمل بمن فيهم من يتقدم لشغل الوظائف العليا في الدولة لأننا لو فتحنا الملف لأصابتنا ذات الاندهاشة ولكن بشكل مضاعف عما شاهدناه قبل ايام.
نتمنى الا نتجاوز ما حدث ويأخذ طريقه للنسيان كما يحدث كل مرة، وحتى لا تصبح الاخطاء قاعدة والصحيح الاستثناء، بل المأمول أن يدرك من يتصدى للعمل العام ومن يريد أن يمثل الأردن أن عليه تقديم ما يليق به وبقيادته وشعبه وتاريخه.
(الغد)