لقد جاء خطاب العرش مختلفاً عما سبق، لما للمتغيرات الكثيرة التي تضمنها الخطاب، فقد جاء إصلاحياً في الإطار السياسي فهو يدعو إلى إحداث تعديلات دستورية تعتبر ضرورة لتحقيق انفتاح أكثر للحياة الحزبية والسياسية والتي بالتالي تساعد على إفراز قانون متقدم يحقق مجلس مختلف من خلال الأحزاب السياسية والتي يمكن من خلالها تشكيل الحكومات النيابية، فالأصل إجراء تعديلات دستورية متقدمة تمهد لإجراء انتخابات نيابية معتمدة أصلاً على الأحزاب في ظل قانون متقدم وكان هناك من يرى بأنه وبمجرد إجراء التعديلات الدستورية وقانوني الأحزاب و الانتخاب سوف يحل مجلس النواب وهذا قول خاطئ وقد أشرت إليه في مقال سابق لأنه لا يمكن في يوم وليلة تشكيل أحزاب وقطف ثمارها وتحقيق المرجو منها في هذا الوقت الزمني وأنا على يقين بأن هذا المجلس سيستمر إلى نهاية الفترة الزمنية المقررة ولن يكون هناك حل لهذا المجلس لأن ذلك لا يخدم العملية الإصلاحية وليس هناك داعٍ لحله طالما هناك تحضير واستعداد للمرحلة القادمة.
أما المحور الثاني فقد كانت القضية الفلسطينية حاضرة ومدى الإلتصاق والتقارب والتأثر والتأثير بالإضافة إلى الوصاية الهاشمية على المقدسات، وفي محور آخر الوضع الاقتصادي والدعوة إلى المزيد من الانفتاح لجلب الاستثمارات والتي بالتالي تساعد على التشغيل وتحسين مستوى الدخل وهذا يتطلب مزيد من القرارات القوية والصارمة التي يمكن أن تعمل نقلة نوعية في الآداء الذي نتطلع إليه كمفتاح طريق حافل وقادم بعون الله.
وفي محور العلاقات العربية فالأردن يخطو خطوات قوية وجريئة في تحسين العلاقات الإقليمية والتي بالتالي تنعكس على الأردن والأشقاء في المحيط الإقليمي، فهناك خطوات مع العراق وسوريا ومصر لتحقيق مزيد من التقدم في المجال الاقتصادي، ومن يتعمق في التحليل فإن هناك عناصر لا يمكن الاستغناء عنها أو تحييدها لإنجاح العملية الاقتصادية (الاستثمار) إلا بالتعاون والتنسيق مع المؤسسة الإعلامية لتعمل بشكل متوازٍ مع الإجراءات الأخرى.
وفي المحور السيادي للدولة بتحييد المؤسسة العسكرية والأمنية والدينية حتى تبقى عوامل الاستقرار متوافرة وغير متأثرة بالأمور الحزبية، فاستقرار الوطن فوق كل اعتبار وهذا ما يعمل به في كل الدول.
أما في مجال الضمانات فقد ضمن جلالة الملك بأن من يدخل في الأحزاب لن يكون عُرضَه للمؤسسات والضغوط طالما أنها تعمل ضمن ما هو مرسوم لها ومقرر حسب الدستور والقانون.
أما في مجال التعاون المرن ما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية خدمة للوطن وأبناءه، على أن لا تتغول سلطة على أخرى وإنما هناك مرونة في التعامل بين السلطتين وهذا يعني الإبقاء على شعرة معاوية ما بين الأطراف مما يحقق الاستقرار والتعاون ينهما.
وعلى ضوء ذلك أرى أن هناك قادم في العمل التشريعي لما يحقق المصلحة العامة للدولة، من خلال إنجاز إصلاحات يلمس آثارها المواطن بالإضافة إلى إعطاء المزيد من الحريات للنائب للتعبير والمشاركة من خلال إصلاحات في النظام الداخلي والتأكيد دوماً كذلك على دعم المؤسسات الأمنية والعسكرية، هذه بعض الرؤى للمرحلة القادمة، ولننتظر، وإن غداً لناظره قريب.