عن مجلس الأعيان وعميده ورئيسه
د. نضال القطامين
15-11-2021 06:06 PM
اليوم يمرّ عام ويزيد مذ صدرت الإرادة الملكية السامية بتشكيل مجلس الأعيان.
لقد واظب المجلس على النهوض بدوره التشريعي والرقابي كما يجب، واجتاز بجهد الدولة الجمعي آثار الوباء ومضى نحو أداء المهام برؤية وطنية واسعة فناقش وأقر خلال دورته غير العادية نحو تسعة عشر مشروع قانون، وخلال الدورة الاستثنائية نحو ثمانية قوانين في مقدمتها مشروع قانون البلديات واللامركزية "قانون الإدارة المحلية"، فضلا عن عشرات الإجتماعات واللقاءات التي أجرتها لجان المجلس المختلفة.
اليوم، يفتتح جلالة الملك الدورة البرلمانية العادية الأولى لمجلس الأمة، ويؤكد أن الأردن أمام "محطة جديدة في مسيرة التحديث الشامل، لتحقيق المستقبل وان التجارب أثبتت أن الانتقال ضمن برامج واضحة هو الطريق الآمن لتحقيق التحديث المطلوب، ثم خاطب مجلس الأمة بأن "أمامكم مسؤولية مناقشة وإقرار قانوني الانتخاب والأحزاب السياسية، والتعديلات الدستورية التي قدمتها الحكومة لمجلسكم الكريم، بهدف الوصول إلى بيئة حاضنة للحياة الحزبية، لتشكيل برلمانات المستقبل، بحيث يكون للشباب والمرأة دور بارز فيها".
يوسّع جلالته أبواب الإصلاح ليلج منها الناس نحو مستقبل أبلج في مسيرة هذا الوطن العروبي، ويلقي بذارا ستملأ السهول بالسنابل، وإني على يقين من أن مجلس الامة سيمضي بذات الطريق الوطنية الواضحة، تلك التي لا تعنيها المطبات ولا تعيقها العثرات، نحو أفق مفتوح ومتاح، لإصلاحات حقيقية في السياسة والإقتصاد.
واليوم، يعتلي سدة الرئاسة في مجلس النواب زميل كريم عزيز، معالي أبو فيصل وقد زاملته نائبا وطنيا حكيما، ومتيقّن بأنه سيمضي في قيادة المجلس نحو مزيد من العمل البرلماني الحصيف، فضلا عن بصماته الواضحة في كل المفاصل الدستورية والبرلمانية.
كنت نائبا ووزيرا، والآن عينا، وأجد أني أملك حق الحديث عمّن زاملتهم في هذه المسيرة، لكني سأتحدث اليوم عن دولة رئيس مجلس الاعيان أبي غيث الجليل.
على امتداد هذه الشهور الماضية من عمر مجلس الأعيان، لم نكن بحاجة إلى وقت أطول كي ندرك طول قامة شيخ المجلس وعميده ورئيسه، البدوي، فتى الصحراء وقد رسمت قسوتها الممزوجة بالحب ملامحه القوية، والسياسي الذي أمسك برأس الحكومة فاجتاز بها الوهاد بأشرعة الحكمة وصواري الحصافة والتدبير.
وهو الرصين الصارم اللُّب الفطين، أخو الحكمة والشجاعة والموقف، والهادىء المتزن الرزين، في كل مواقعه كرجل دولة رفيع، كان يكرّس أخلاق البداوة المجبولة على صدق العهد والرجولة والثقة والأمانة والوفاء.
ذا دُربة ومران، ودراية رفيعة وفقهٍ قويم، في الوطن والتشريع والأخلاق، هو شيخ المحافظين وزعيم قبيلة الأوفياء، المسافة واحدة بينه وبين الزملاء، وميدان فكره رحيب فسيح، وفي مجلسه تُلقى دروس الوطن والإنتماء وقواعد الحرس الفخم القديم، وهو المحظي باحترام كل من رافقه او زامله، رئيسا حكيما، أضفى هدوءه ورصانته ومبادىء احترامه للناس على الجلسات، سمات المهابة والوقار.
أكتب عن فيصل الفايز، رجل الدولة، المتماسك في وجه اختلاجات السياسة واضطرابها، اكتب دون أن تتأطر كلماتي سوى بالصدق والمحبة، وإسناد الفضل لأهله، دون مُجاملة ولا مُدَاهَنَة ولا مُصَانَعَة ولا تَزَلُّف أو تَكَلُّف، ولست طامحا سوى بأن ننصف الناس ونكتب عنهم علّ جيلاً قادما يقرأ ما نكتبه، فيعرف الفتية أهلهم الفوارس البناة.
كان لدولة الرئيس الجليل مهمة الإعتناء بالتشريعات وتجويدها، وواجب قيادة المجلس نحو تاطير محكم للأداء وفق معايير بناءة، في طليعتها منح مساحة واسعة من الحرية لعمل اللجان ودعمها، وإطلاق يدها في حوار الوزراء ونقاشهم بل ومقارعتهم، فيما يشير دولته دوما إلى الحرص على أن مهمة المجلس لا تقل أهمية عن دور مجلس النواب، وأننا في خندق واحد للذود عن التشريع وتقديم تجربة برلمانية استثنائية، تكون عونا للوطن ونافذة أمل لأهله، وباب تنميته الواسع الرحيب.