الحراك السياسي الأردني!!!
د. سحر المجالي
10-07-2010 02:40 PM
من الطفيلة، إلى المفرق، إلى أستانه، إلى لندن، إلى واشنطن، محطات حل بها جلالة الملك في الأيام الأخيرة. كان مسافراً بين آهات شعبه ، وآنات أردنه، وهموم أمته وقضاياها المصيرية.
ففي السنوات القليلة الماضية لا يكاد محفل دولي يخلو من الوجود الأردني سواء على مستوى القيادة أو على مستوى الدولة ممثلة بأحد من المسؤولين أو على مستوى ممثلي المجتمع المحلي والأطياف السياسية أو مؤسسات الحكم. هذا الحضور كان مرتكزا على مبدئية في التوجه ووضوح في الرؤيا وكرامة في عرض المشاكل و الأزمات وصدق في الطرح.
فجلالة الملك وضع نصب عينيه منذ أن تسلم القيادة إن يضع الأردن على خارطة الكون دون أن يفقد التوازن أو يتأرجح بين أقطاب التحالف أو تزلزله أعطيات الاحتواء. فكان يعرض الوطن والبلد والقضية بكل شفافية أعطت له مصداقية حتى عند اعرق الحضارات وأكثر المجتمعات تقدماً وتطوراً. وأصبحت أراء الأردن الملك والأردن الدولة محط احترام من لدن كل القيادات الدولية ذات الفاعلية، الأمر الذي جعل الأردن دولة محور في جميع الأمكنة وفي كثير من الأزمنة.
واغتنم جلالة الملك ذلك فأودع كل طروحاته الهم القومي وقدم للعالم صورة مشرقة سواء للفهم الإسلامي للعلاقات الدولية وسواء لفهم العرب للسلام والأمن والتعامل مع الآخرين. وأكد في كل ذلك على أن المسلمين كانوا منذ فجر الإسلام دعاة امن و محبة وسلام وتعاون. وان جده صلى الله عليه وسلم قد أرسل للناس كافة، وان تعاليم السماء التي جاءت بين دفتي الكتاب هي تعاليم توقير الآخرين واحترامهم وصون أرواحهم وكرامتهم وأملاكهم وممتلكاتهم. بل وأكثر من ذلك فقد عمل الإسلام على توجيه الأمم الأخرى إلى نبذ الخلاف والى هجرة استخدام القوة فيما بين البشر وضرورة الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
وفي أكثر من مناسبة أكد جلالته أن الأمة الإسلامية لم تكن في يوم من الأيام تسكن دار حرب أو قتال وإنما أقامت أساسها وبنيانها على العدل ونبذ الظلم والابتعاد عن قتل النفس، بل وأكدت آيات الكتاب أن من قتل نفساً واحدة فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً.
والعرب بدورهم كانوا منذ بدء التاريخ امة تنادي بالخير وتدعو إلى التآخي والابتعاد عن الفتن والافتئات على الناس، وكانوا دائماًً أهل عقد وذمة وعهد، وما لحق بهم من شر وظلم لم يخرجهم أبدا عن المبدأ، ولم يحد بهم عن النهج لذي ترسخ منذ أول يوم صحت فيه الشمس على الصحراء ومن أول فجر طلعت فيه خيوط النور لتلف الكون بالضياء.
إن الأردن الذي حمل رسالة الإسلام كابراً عن كابر وشريفاً عن شريف، والذي اعتنق العروبة مذهباً يملأه الصدق والأمانة والإنسانية لا يمكن أن يكون غير ما هو عليه، وقد استطاع وبكل اقتدار أن يحمل الرسالة وان يؤدي الأمانة حتى أصبح جزءاً من القبول العالمي والرضا الدولي للعمل التعاوني المتكامل والصادق والمنتج.
لقد أحاطت الدول الكبرى وغيرها زيارات جلالة الملك بالكثير من الاهتمام والتقدير، وأصبحت خطاباته تتجاوز اللغة لتغدو منهجاً تقبل به الأمم والحكومات والمؤسسات المدنية على تنوعها واتساعها وتباعد أفكارها ومناهجها. وأصبحت ارض الأردن مستقراً لكثير من اللقاءات والاجتماعات على كل المستويات وفي كل المشارب. وغدت التجربة الأردنية تجربة رائدة في كل المساقات وعلى كل الصعد والمستويات.
لذا فإن علينا أن ندير مؤسستنا الحُكمية، على مستوى عال من الحرص عليها، والاهتمام بها ودعمها. وان لا نتركها تتعلق في الهواء يوما من الأيام، بل علينا أن نحيطها بالرعاية، وان نقف مع القيادة نشد من أزرها ونعطيها من الولاء والإيمان بقدرتها ما يمكنها من الاستمرار والتقدم والتطور، وان نحافظ على ذلك الرضا والقبول الذي كان منذ أن تأسست الدولة على يد جلالة المؤسس حتى انتهت الأمانة إلى يدي جلالة المعزّز.
Almajali74@yahoo.com
الراي