كان المسؤول الأردني حين يتحدث إلى الإعلام عن عمل مهم يقول : بتوجيه من رئيس ....، فإذا كان المتحدث وزيرا فإنه يقول : بتوجيه من دولة الرئيس أو من، وإذا كان المتحدث أمينا أو مديرا يقول : بتوجيه من عطوفة المدير ، وهكذا .... فلا أحد يتحرك بمسؤولية ذاتية، فالكل مبرمج ب " ريموت رئيسه " .
يبدو أن الإدارة كانت مركزية والثقافة نفاقية. أما الآن فقد تحرر معظم العاملين، وصاروا ينسبون المبادرة لأنفسهم لا لرؤسائهم!! .
هذا التحول لا يعكس بالضرورة ديمقراطية مفاجئة ، أو ثقة مفاجئة بمقدار ما يعكس غياب الإدارة القوية، وضعف السلطة الإدارية.
فصار المتحدث يسحب من رصيده الخاص لا رصيد رئيسه، وبأي الأحوال ، فإن من يتحدث بمبادرة منه أفضل بكثير ممن ينافق الرئيس !!
ونعود إلى تغير الوزير، وما أسرع هذه التغيرات !! ويبني الوزير أو المسؤول بسرعة نظاما جديدا يقسم العاملين إلى قسمين :
المعجبين أو المنتفعين وغير المعجبين والمبعدين أو .... وهكذا تستمر المؤسسة شهورا حتى يتغير الوزير أو المسؤول ،ويتسابق الطرفان لنيل الثقة والمباركة ، وتنقلب الموازين: فإذا المجمد ناشطا ، وإذا بالناشط " مجمد "وتبدأ خطط جديدة وتختفي خطط ومشروعات ..... وهكذا.
لا يمكن التحدث عن أمن وظيفي في مثل هذه الظروف ولكن أبحث عن نظام عادل لتقييم أداء العاملين، حتى يكون معيارا بين يدي أي مسؤول . فلا يعقل أن تتغير الأمور لحظة تغير الوزير!! نفتخر في المئوية الثانية أننا بنينا الدولة والمؤسسات، فهل يمكن أن نحتفل ببناء معايير الاختيار ومعايير التقييم.
هذا ليس مطلبا عجيبا!! مع أنه مستحيل !! أذكر حين كنت رئيس قسم، وضعت خطة من أهدافها : وضع معايير الاختيار، طلبني الوزير والأمين، وقالا : خطتك جيدة، ولكن احذف البند الخاص بوضع معايير الاختيار !! كان ذلك قبل خمسين عاما ، فماذا عن الآن ؟
وضعوا معايير الاختيار والفحوصات والمقابلات ضحكوا علينا . فهي معايير لاستبعاد الأكفياء، لا لاختيارهم.
ونماذج اختيار القيادات وأعضاء اللجان والمجالس وحتى النواب تخضع لمعايير : " جيبوا أبو فلان "!!
وفي هذا الباب لست متفائلا !! نأمل بعد الإصلاح والتحديث أن يتغير أمرا ما !! ويمشي مسؤول على خطى وزارته وليس على هواه !!