الاعلان ليس مغامرة مالية تثمر عن استدراج مغامرين جدد ، جذبتهم المغامرة الاعلانية ، بل بات واقعا ثقافيا وسلوكيا له مناصرون في كل انحاء العالم ، ذكاء الاعلان انه كوني ويستثمر الاحداث العالمية لاستقطاب وتشكيل ثقافة البشر .

كأس العالم مثلا انتجت شعارا كونيا ودعايات كونية يفهمها الافريقي والعربي والقوقازي وحتى الطاجيك والجيرمان ، فنحن يجمعنا ملعب واحد ، وترى هذا الملعب يتشكل وفقا لمقتضى الحال والاحوال فالمعلم يصبح حارس مرمى في الشق العربي من الملعب ، والافريقي يشكل فريقا من الادغال لهزيمة نجوم العالم وهكذا يستمر الحال الاعلاني في التأثير على عقول الناس ويسلب ارادتهم ويعكس سلوكهم .

نحن في مركز تحكيم الاتحاد العربي التابع للاتحاد العربي لحماية حقوق الملكية الفكرية يجمعنا مكتب واحد مع الزملاء في "شركة المحامون المتخصصون الدوليون"وهذا الجمع المؤقت كان وبالاً خلال مباريات "كأس العالم"وتحديدا فترة الظهيرة ومباراة الخامسة مساءً ، حيث يحتكرون هم جهاز البث والتلفزيون ويحظرون علينا التشجيع لغير الفريق الذي يحدده اسامة البيطار القاسم المشترك بين المركز والشركة والمهم ان اسامة غير مهتم بكرة القدم ولا يتابعها فلذلك اوكل المهمة للمحامي الالماني الهوى فادي الجزازي الذي لاحقا بات مشجعا للبرتقالي وفرض على الجميع حفظ اسماء "سنايدر وميسي".

حاولت مرارا شرح نظرية يجمعنا عالم واحد للمحامي الجزازي الا انه رفض الا الاصرار على ملعب واحد يكون فيه من يملك الريموت هو الذي يحدد التعريفات وعلى من يعترض ان يغادر الملعب او الجلوس على مقاعد البدلاء واحيانا اخراجه من الملعب نهائيا.

محاولات مركز التحكيم في الاستعانة بالاكاديمي احمد الظاهر استاذ القانون فشلت رغم موقعه المؤثر في الشركة ، لان نظرية الملعب الواحد لم تعجبه ولم يتفاعل معها ، فالرجل يحتكم الى القانون "المحلي" ولايقبل بتداخل القوانين او عولمتها لذا آثر الاعتكاف .

ملعب واحد وعالم واحد بات شعارا قابلا للتطبيق رغم محدودية الهدف المعلنة ، لكنها رغبة جامحة عند دولة بعينها ، مارست فعلا سلوك ان الملعب واحد وان الريموت بيد سيدها الجالس هناك وهو الوحيد الذي يمنح ويمنع ويغض الطرف عن اللاعب المخالف فيمنحه الحصانة او يعاقب اللاعب المشاكس بطرده من الملعب الدولي .

الاعلان ليس سلوكا بريئا ولن يكون ، فقصة الملعب الواحد ليست دعاية بل هي تعبير عن سلوك وممارسة فعلية وعلى الجميع الانضباط بذلك او الخروج من الملعب .

omarkallab@yahoo.com
الدستور