استقراء «الأمن المائي» بدراسات علمية
د. محمد كامل القرعان
12-11-2021 12:09 AM
من الضروري القيام بدراسات علمية للحفاظ على الثروة المائية التي تعد جزءاً أساسياً من الامن المائي للاردن وجزءا مهما في الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة باعتبارها السبيل إلى حماية مواردنا المائية لصالح الأجيال الحالية والمقبلة، بالوقت الذي يواجه فيه الأمن المائي تحديات متشعبة تتمثل في التغير المناخي وقضية المياه المشتركة مع دول الجوار، والازدياد السكاني وأطماع إسرائيل في الموارد المائية لبعض الدول العربية المجاورة وأطماعها في مياه الأراضي العربية المحتلة في فلسطين.
انطلاقاً من ذلك فإن اجراء بحوث لتقديم بعض الطرائق والحلول التي تقود إلى التعرف على الوضع الحالي للمياه في الاردن، وانعكاساته السياسية والاقتصادية والزراعية وآفاق تطوره وتغيره الدائم الذي يقوم على أساس التغيرات السكانية الدائمة والمستمرة بالإضافة إلى الطرائق المستخدمة باستقراء مستقبل الموارد المائية في ضوء الاحتياجات السكانية المتنامية، وتقديم المعلومات الضرورية والمهمة التي يمكن أن تعتمدها الجهات، والهيئات المائية في البحث عن السبل والأساليب التي تكفل حماية الموارد المائية في المملكة.
وانا مع دراسة مشكلة المياه دراسة اقتصادية إحصائية شاملة في ضوء الواقع الحالي للمياه في الاردن والأساس القانوني والسياسي لهذا الواقع وضرورة الكشف عن بعض الجوانب الاقتصادية والسياسية التي تقف وراء مشكلة المياه وبشكل خاص مع الدول المجاورة والبعد الاستراتيجي المائي في ضوء الاتفاقات والصفقات المائية التي تعقد مع دول أخرى ودور إسرائيل في محاولة الهيمنة على المياه العربية فضلا عن إبراز دور بعض المؤسسات والهيئات الدولية وبشكل خاص دور البنك الدولي في إدارة وتوجيه مسألة المياه في الوطن العربي والمحاولات التي قام بها لأغراض اقتصادية وسياسية لجعل المياه سلعة اقتصادية خاضعة للعرض والطلب والربح والخسارة كأية سلعة اقتصادية أخرى.
إن تحقيق الأمن الغذائي للسكان مرتبط بالتوسع في الزراعة وهذا يعتمد بصورة أو بأخرى على التغطية المائية في ظل الظروف التي تتصف بمحدودية الموارد المائية ومن ثم فإن الأمن الغذائي مرتبط بشكل أساسي مع الأمن المائي وقياس الفجوات القائمة بين الموارد المتاحة والاحتياجات الضرورية والتعرف على طبيعة هذه الفجوات وإظهار خطورة السياسة المائية على الأمن المائي التي تجعل البنك الدولي يتدخل في وضع استراتيجيات المياه التي يراها محققة لأغراضه أحياناً والتي قد تؤدي إلى تبرير السيطرة الإسرائيلية على المياه العربية أحياناً أخرى، ولاسيما أن البنك هو صاحب الدعوة إلى تبني نظرية تسعير المياه وجعلها سلعة تتداول تجارياً.
وهذه الأزمة بدأت بالاستفحال وأصبحت تحتل موقعاً كبيراً في التحديات الحقيقية التي يواجهها الاردن حالياً ومستقبلاً دون أن يظهر اهتمام بها يوازيها أو خطط لمواجهتها وحمايتها من التهديد والضغوط وعمليات الابتزاز المستمرة التي لم تنتهِ بعد.
من هنا ولدت فكرة (الأمن المائي) الذي يجب على الحكومة استخدامه وتحويله إلى عنصر رئيس في برامج واستراتيجياتها وليكون محط تفكير العلماء والمفكرين والاكاديميين ومراكز الابحاث ذات الشأن المائي وبشكل لا ينفصل عن مفهوم الأمن الغذائي الذي يمثل الركن الآخر من الأركان الرئيسية للأمن القومي الاردني.
الرأي