أحزابٌ تتشكّل .. هل نشهد بركة هذه الحركة؟
خولة العرموطي
11-11-2021 01:12 PM
خلال أسبوعين فقط، تواصلت معي مباشرة شخصيات محترمة من مختلف الخلفيات والايديولوجيات، والهدف المشترك بينهم جميعا هو "تشكيل أحزاب سياسية جديدة". آخرون وأخريات قيد التواصل مع سياسيين وسياسيّات وناشطين وناشطات سمعت منهن/م عن أحزاب أخرى تتشكل أو تدرس خياراتها في الاندماج أو الانفصال من وعن أحزاب وكيانات موجودة.
كلّ من تحدثت معهم يكررون أن المستقبل للحياة الحزبية، وهو استنتاجٌ خلصوا إليه من توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي تشرّفت بعضويتها، وقبل ذلك من الضمانة الملكية التي حظيت بها مخرجات هذه اللجنة، وبالتالي إقرارها من جانب الحكومة.
هذا الحراك الواسع والكبير في البلاد لصالح التأطّر داخل أحزاب محلّية الرؤية والأهداف، لتُشارك في العمل العام، أزعم أن الأردن لم يشهده حتى في مرحلة الحياة الحزبية منتصف القرن الماضي.
الحراك نفسه يدلّ على أن ورشة إصلاح الحياة السياسية انطلقت بالفعل حتى قبل إقرار القوانين والتشريعات من البرلمان، وبدأت بهمّة ورغبة بمشاركة ايجابية أكبر، وهو ما يؤكّد أن الحياة السياسية كانت بحاجة لدفعة ودعم من أعلى الهرم في الدولة لتتحرك مياهها الراكدة.
أدرك طبعاً أن الحكم على التجربة اليوم مبكر جدا وأن الكثير من التجارب الحزبية التي تبدو متحمسة في هذه المرحلة قد يعيد انتاجها الشارع سواء في الانتخابات أو قبلها أو بعدها، كما قد تغيّر مسارها وكثافتها التجربة بما فيها من معيقات وايجابيات. ولكني أجد أن من المهم اليوم تسليط الضوء على هذه "الحركة" التي تنتج لديمقراطيتنا التي نريد "بركة" لطالما انتظرناها.
هذه "البركة" يعود بالدرجة الأولى الفضل فيها لجلالة الملك الذي كلّف اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية وأوكل إليها مهمة تطوير الحياة السياسية ثم لرئيس اللجنة دولة سمير الرفاعي الذي عزّز هذه الرؤية وكفل لنا جميعا حرية الاختلاف في اللجنة ولاحقا للزميلات والزملاء وكل من أرسل فكرة أو شارك بمقترح أثناء عملنا.
في اللجنة تابعت باهتمام كبير كيف يخلق اختلاف الآراء توازنات مُرضية، وكيف يسعى الاردنيون والاردنيات من مختلف المشارب لتطوير الحياة السياسية كل على طريقته، ما يؤكد أن بلادنا قادرة فعلا على خلق حياة سياسية متعددة تحتوي الجميع، نتمتع فيها بحقوقنا ولكننا أيضا نقف أمام مسؤولياتنا بدلا من إطلاق الشعارات في الشوارع والتنظير على من هم في موقع المسؤولية.
تجربتنا ناشئة ولا تزال بأولها وكي تكتمل "بركة هذه الحركة" وتتعزز هذه التجربة، يجب أن نرى أحزاب برامجية واضحة ومختلفة، لنحميها لاحقا ونقف بحزم وقوة أمام أي جهة تحاول اختطاف التجربة أو عرقلتها لصالح أي مخاوف أو أجندات.