في الوقت الذي تندلق فيه تصريحات قياديين حماسيين, مشيدة بالدور الأردني تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني, وهي بالمناسبة تصريحات لاتقدم ولا تؤخر, ولسنا معنيين بها, ونعرف أنها للاستهلاك الاعلامي, يخرج علينا الصوت النشاز للمدعو ياسين عز الدين المشرف على منتدى شبكة فلسطين للحوار, وهو تسمية للموقع الرسمي الإعلامي لحركة حماس, ليكيل مجموعة من التهم المتهافتة والبغيضة والمتناقضة للأردن, ويلجأ إلى مفردات من طينته, وهو يوجه من جحره تحريضات نعرف أنها لن تلقى أذناً صاغية, وأنها تنطلق لحرف الأنظارعن حالة الهدوء التام, السائدة على حدود إسرائيل مع قطاع غزة المنكوب بالحكم الحماسي, الذي يعتقل اليوم ويطارد كل من يفكر بالقيام بنشاط مسلح ضد الدولة العبرية.
ياسين هذا يحرض على تحويل الأردن إلى ساحة مواجهة مع إسرائيل في ظاهر الامر, وبين الاردنيين أنفسهم من حيث الواقع، وهو يزعم أن ذلك سيخفف الضغط عن المقاومة في الضفة الغربية، والمثير للدهشة أنه يتحدث عن هذه المقاومة وكأنها حقيقة واقعة وملموسة ومؤثره, مع أننا لم نسمع منذ أكثر من ثلاث سنوات عن عملياتها البطولية, إلا إن كان يقصد نشاطات شبيهة بما اقترفه مصعب حسن يوسف, الذي كان عيناً إسرائيلية على كل نشاطات حماس, بحكم كونه ابناً لواحد من أبرز قيادييها في الضفة التي تشهد نشاطا تنموياً لايخفى على العين, وتشهد عملية طموحة لبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية, تمهيداً لقيامها في حين يشهد قطاع غزة حالة من الشلل على كل الأصعدة باستثناء نشاط الحماسيين في الجباية من مواطنيهم بكل الوسائل والطرق.
ياسين يدعو لإفشال ما يصفه بمخططات توطين اللاجئين في الأردن, من خلال السماح لحاملي البطاقة الصفراء بالضفة والقطاع بالعمل في الاردن, ويدعو لعدم سحب هذه البطاقة منهم, وبمعنى السماح لهم بالاقامة في الاردن, وكأن ذلك يعني أنه بذلك يمنع تهجيرهم ويمنع تفريغ فلسطين من أهلها, ويناقض نفسه سريعاً وهو يحرض صانع السياسة الاردني على سحب تلك البطاقة من حامليها الذين يعيشون في الاردن. فأي تناقض مقصود به إثارة الفتنة, حين يحرض على سحب البطاقة الصفراء من المقيمين في الاردن لإجبارهم على الذهاب إلى الضفة والقطاع, وعدم سحبها من المقيمين في الضفة والقطاع والسماح لهؤلاء بالعمل والاقامة في الاردن, ويصل المفكر الاعلامي الكبير, إلى استنتاج باهت كتفكيره الضحل, حين يتهم الاردن بمعاقبة الفلسطينيين الذين يعودون لوطنهم بسحب البطاقة الصفراء منهم, وكأنهم سيكونون بحاجتها إن عادوا إلى الوطن محققين الأمنية الأغلى في حياتهم.
ليس هناك وصف غير " التخبيص " لما أتحفنا به جهاز اعلام حماس على لسان ياسين, الداعي للمقاومة المسلحة في غور الاردن, والمحرض حتى للاخوان المسلمين في الاردن على التمرد على دولتهم, والذي يفرق جهاراً نهاراً بين الاردنيين اعتماداً على أصولهم محاولاً إيقاظ الفتنة, والذي يستدعي إلى الذاكرة تجربة مسؤولين أردنيين سابقين حاولوا فتح باب الحوار العقلاني مع حماس لكنهم فشلوا, لأن حماس تريد من الاردن كل شيئ دون أن تدفع شيئاً, لكن مع كل هذه الضلالة التي ميزت كل ما صدر عن ياسين فان الله فتح عليه بجملة مفيدة واحدة حين قال " إنه لا يوجد أي إمكانية لإيجاد مساحة مشتركة بين حماس والنظام الأردني " . تلك حقيقة نحمد الله أن ياسين أدركها بعد أن عرفها كل قادته الذين يحرضونه على ارتكاب مثل هذه المقالات, التي يؤسفنا أن نرد عليها, لا لنؤكد حقائق يعرفها الجميع وتتجنى عليها حماس, ولكن لنذكر ياسين والواقفين خلفه أن الاردن عصي عليهم, ولعلنا لانطلب الكثير حين نتوقع من الاخوان المسلمين عندنا أن يردوا على ياسين وتخرصاته البغيضه.