قصة حَمدة
المحامية آية توفيق المهيرات
10-11-2021 12:34 AM
" وتقول حَمدة مِنْ حَر ما جرى بها "
بين الماضي البعيد والزمان القريب توجَـدُ حـَمدة !
حمـدة الإسم ، وبإِختـلاف القِـصَصِ ولَـكِن ذاتَ النتيـجة !
نادراً ما أُحَـبِذُ الكـتابةَ بمـواضيـع الـرأيِّ العـام ، لكثـرة ما كُتِـب فيها ،ودرءاً للتَزَيُّـدِ الذي لا أَرتـضيهِ لقلمي !
حـمدة التي وافَتـها المنيةُ قبلَ بِضعةِ أَيَّام !
وسَمِعْنا بِـقصتها في كُلِّ بيتٍ وعلى كلِّ لسان !
خياطةٌ احترفتْ تطريزَ الأقشمةِ بِكلِّ الأشكالِ والألوان !
قِيل أنّها راحت تَشكي لِمُـديرها بَطْش الهِندي وضغطَ العـملِ في المصنع ، وزيادةَ ساعاتِ الدوام ،
وعَدَمِ كِفايةِ السبعِة دنانير لإحتياجات الفرد ليومٍ في هذه الأوطان !
وُبِّخَت حَـمدة !
عُوتِبت حَـمدة !
تُركَت تنتظِرُ حَـمدة !
ماتت حـمدة !
" وتقول حمدة مِن حَرْ ما جرى بها "
" وعيني تبات الليل ما تلفى الكرى "
" وما حيلتي إلا الدمع جرّح ناظري "
ضاجَت وسائِـلُ التواصلِ الإِجتماعي بقصةِ حـَمدة ، حتى أَصبَحتْ قضيةَ رأيٍ عام ، خَرَج بعدها تقريرُ الطبِّ الشرعيِّ مُـؤَكِداً أَنَّ سَبب وفاةُ حمدة هو عيبٌ وراثيّ خَلقي يَعودُ إلى ما يُسمى " أم الدم ".
هذا المصطلح الذي يزورني للمرةِ الأولى ، دَفَعني للبحثِ عنه في المؤلفاتِ العِلمية الطبية ، لأجِدَ أنَّهُ وحسب ما وَرد في تقاريرِ جامعة هارفرد:
هو تَـمددٌ في الأوعيةِ الدموية الوراثي أو المكتسب يُصيبُ المُخَّ أو الصدرَ أو المَعِدة ، يرتبطُ ارتباطاً وثيقاً بِمشاعِر الخوف !
وأنَّ العلاقةَ طرديةً فيما بين ارتفاعِ ضغطِ الدَّمِ وتَمَدُّدِ الأوعيةِ الدموية ، فكلَّما ارتفعَ ضَغْطُ الدم كانت من مُضاعَفاتِه تَمدُّدُ الأوعية الدموية والتي تُؤدي بدورها إلى الموت .
وغَنيٌ عن التعريفِ ، أنَّ أحد أهم المُسَبِّبات في ارتفاع ضغطِ الدَّم هو التوتر والخوف والضغط النفسي !
حـَمدة ، " وإنْ ثَبَتت رِوايةُ موتِها " هي حالةٌ من حالاتِ الكـثيرِِ من العُمّـالِ الواقعيـنَ تحـتَ الضغـطِ النفسيِّ والمعنويِّ من أصحابِ العَمَل ، والتي تضَعُنـا أمامَ الضرورةِ المُلِحَّـةِ لوجوبِ توفيرِ البيئَـةِ النفسيَّـة المُـريحة لكُلِّ عامل بالنصوصِ القانونيَّة الإلزامية .
حَمَى اللهُ كُلَّ يَدِ تَعمَل في سبيل توفير سُبُلِ عَيشِها ، ورِحِـم اللهُ حـمدة وأسكنها فسيح جنَّاته .