لم ير أحدا في الأردن سبع بقرات عجاف خلال منامه، كما لم ير احدا سبع سمان او سنابل قمح ممتلئة، لكن مؤشرات القحط القادم كانت واضحة، وكم حذرت جهات علمية منه، إلا أن حكوماتنا هدمت الصوامع بدلا من بنائها وافرغت السدود استعدادا للجفاف..
ككهنة فرعون تتعامل الحكومة مع الانحباس المطري، هي لا تخطط وانما تبحث الآن عن أي مصدر قد يكون فيه من الماء لو قليل، وتذهب لشراء الماء المخصص لغير المدخرين، بعد أن جفت السدود، فيما غرقت عمّان بأسرها قبل عامين..
لا نستغرب قول أحد وزراء المياه السابقين، عندما قال كيف لي أن أعرف أن لا مطر سيهطل العام القادم، بالفعل كيف لك أن تعرف وليس فينا يوسف واحد..
الحكومة وجميع مسؤوليها يحاولون اخفاء الحقيقة، رغم أن غياب انعكاس الشمس على ماء السدود لا يخفيه تصريح، ورائحة السمك النافق لا تنتظر وزيرا يعطرها، اما مشاريعهم الوهمية فلن تبدأ قبل أن تجف الحناجر عطشا..
ليس لدى الحكومة حلولا وليس لدى الشعب أيضا، فعجز ماء الشرب وحده تخطى الـ 40 مليون متر مكعب، بحسب سلطة المياه.. فما بقي أمام الأردنيين إلا استجداء الله عز وجل، عله يهطل علينا من السماء ماءً فتتشكل سيولا ومن السيول انهارا، لكن علينا ألا ننسى أننا "سقفنا السيل" قبل عشرات السنوات..
الأردنيون عاشوا في قديمهم حياة البداوة فكانوا يرتحلون أينما تتفجر عيون الماء يحطون، وعندما يحل القحط يرحلون، بحثا عن عيون اخرى، لكن أين سنرحل اليوم؟