في هذه الأيام ينعقد في مدينة جلاسكو في اسكتلندا مؤتمر الأطراف الخاص بالتغير المناخي وهو ما يسمى COP26 ما بين الفترة من ٣١-١٠-٢٠٢١ وحتى ١٢-١١-٢٠٢١. وهو يهدف إلى مواجة التغير المناخي في جميع أنحاء العالم. الأردن مشارك في المؤتمر بوفد يرأسه وزير البيئة جنبا إلى جنب مع ٢٠٠ دولة من دول العالم.

ولكي أكون صريحا فإنني لم أكن أدرك أهمية الاجتماع وأهمية الموضوع ككل إلا بعد ذهابي ممثلا للبرلمان الأردني. لذلك رأيت لزاما على أن أشارك هذه التجربة الفريدة بغرض الإفادة.

التغير المناخي في الكرة الأرضية بات موضوعا ملحا واساسيا ومن شأنه أن يؤثر علينا جميعا وعلى الأجيال القادمة. والتغير المناخي حصل ويحصل كل ثانية بسبب الممارسات غير المستدامة وغير الصديقة للبيئة والتي أدت عبر الزمان ومنذ الثورة الصناعية وحتى الآن إلى زيادة درجة حرارة الكرة الأرضية حوالي ١،١ درجة مئوية نتيجة انبعاث الغازات الدفيئة التي أدت إلى احتباس حراري في الكرة الأرضية. ببساطة فالغازات الدفيئة هي الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون التي يتم إطلاقها للغلاف الجوي للكرة الأرضية والتي تقوم بدورها بامتصاص الأشعة تحت الحمراء التي تطلقها الأرض فتحتفظ بها وترفع درجة حرارة الكرة الأرضية.

الانحباس الحراري بدوه قد أدى ويؤدي إلى نتائج وخيمة. فدرجات الحرارة على الكرة الأرضية بازدياد. والأعاصير والعواصف أكثر حدة. الجفاف والتصحر بازدياد مضطرد. التنوع الحيوي في خطر حقيقي والعديد من الكائنات الحية قد نفقت. مستوى البحار في ازدياد نتيجة ذوبان الثلوج في المناطق الجليدية والذي سيؤدي بدورة إلى اختفاء العديد من المدن. الموارد الغذائية حول العالم في تناقص. الأمراض بازدياد ومستوى الصحة العامة بانخفاض. وجميع ذلك يؤدي إلى المزيد من الأمراض والفقر والبطالة.

أما التأثير على الأردن فهو واضح وينذر بالخطر. الأردن دولة متأثرة وهي ضحية للتغير المناخي. الجفاف والتصحر وعجز المياه وانخفاض الهطول المطري الذي نشهده في الأردن خير مثال. الرقعة الزراعية في اضمحلال. الهجرة الداخلية والخارجية وازدياد عدد السكان والخلل الموجود في التوزيع السكاني لهو أكبر مثال. وهذه بعض الأمثلة فقط. فالتأثيرات واسعة جدا. وجميع ذلك سبب لنا المزيد من الفقر والبطالة.

يهدف المؤتمر إلى عدة أمور: أولها وأهمها هو الإتفاق على توحيد الجهود للإبقاء على درجات الحرارة في الكرة الأرضية لما دون ١،٥ درجة مئوية. والالتزام بتخفيض انبعاثات الكربون بهدف لغاية ٢٠٣٠ وهدف آخر طويل الأمد للوصول إلى توازن بحيث تكون انبعاثات الكربون عام ٢٠٥٠ متساوية مع ما يمكن للغلاف الجوي أن يزيله بشكل طبيعي. و يتم ذلك عن طريق تشجيع الطاقة المتجددة ومنع استخدام الفحم لتوليد الطاقة والتحول للمركبات الكهربائية وغيرها من الوسائل المستدامة.

كذلك فإن المؤتمر يهدف لتوحيد الجهود لحماية المجتمعات والمواطن الطبيعية للكائنات الحية. ويهدف كذلك إلى إلزام الدول الصناعية الكبرى إلى الالتزام بتمويل الجهود لمعالجة التغير المناخي بتوفير تمويل لا يقل عن مئة مليار دولار سنويا حتى عام ٢٠٣٠ وكذلك إلزام المؤسسات المالية التي تملك ترليونات الدولارات بالتوجة نحول التمويل الأخضر. ويهدف المؤتمر كذلك إلى توحيد الجهود وتشجيع العمل الجماعي بين الدول ومؤسسات المجتمع المدني والمواطنين لغايات التنفيذ الحقيقي للمخرجات.

بالنتيجة فإن هذا المؤتمر يمثل فرصة كبيرة لدولة مثل الأردن للحصول على المساعدات والتمويل اللازم لتحويل مجتمعنا وبلدنا ليصبح أكثر تطورا واستدامة. الأردن وبموجب ما تم تقديمه كالتزام من جانبه تعهد بتخفيض الانبعاثات لتصل لغاية ٣١٪ من مستواها الحالي بحلول عام ٢٠٣٠ حيث سيتم تمويل ٥٪ من تلك النسبة من خزينة الدولة، أما النسبة المتبقية البالغة ٢٦٪ فهي مشروطة بتحقيق التمويل اللازم من الدول الممولة. وقد عرض الأردن مشاريع بحاجة للتمويل بقيمة ٧،٥ مليار دولار لغايات مواجهة التغير المناخي. وقد أجاد المفاوض الأردن بهذه الطروحات.

العالم يتغير بسرعة والجهود نحو ذلك التغيير جهود جدية وعلينا في الأردن أن نكون من الأوائل باقتضاب الفرص والمساهمة بما يمله علينا دورنا الإنساني تجاه العالم والدور الوطني تجاه مواطنينا.

رئيس لجنة الطاقة والثروة المعدنية النيابية