لتوسيع قانون الدفاع ليشمل حماية الموظف من التعنيف والتنمر
د. أسامة أبو الرب
08-11-2021 03:14 PM
تتطلب قضية المرحومة حمدة التي توفيت في إحدى مشاغل الخياطة في منطقة الأزرق، إجراءات فورية، تشمل مستويات عدة قانونية وطبية، ومنها توسيع قانون الدفاع ليشمل حماية الموظف من التعنيف والتنمر.
بداية وقبل أي شيء نتقدم بخالص العزاء لعائلة حمدة وأهلها، الذين فجعوا بوفاتها وهي تكدح من أجل لقمة العيش، لتساعد في إعالة عائلتها.
ما تناقلته مواقع ومصادر هو أن وفاة حمدة جاءت بعد أن تعرضت للإهانة والصراخ من قبل مديرها في العمل، مما قاد لإصابتها بحزن وغضب شديدين، ثم توفيت قهرا.
أول إجراء مطلوب، والذي تم البدء به فعلا، هو إجراء تحقيق شامل لمعرفة ملابسات الوفاة، وحيثيات طريقة معاملتها في العمل. فإذا كان ما تم تناقله صحيحا فهو جريمة بحق حمدة، جريمة تنمر وإساء واستغلال وقهر، وهو أمر يتطلب معاقبة المتسببين.
تعرض حمدة للتعنيف يسلط الضوء على ضرورة توفير ظروف عمل محترمة، تحترم الموظف والعامل وتعامله بتقدير، دون استغلال لظرفه المادي. فرأس المال دون رقابة يصبح متوحشا، وهنا يأتي دور القانون لحماية الموظفين.
حمدة هي نموذج للأم والزوجة المكافحة، التي أبت إلا أن تسعى للرزق بكل عزة وشموخ، ككل الأردنيات. لذلك فإن صح ما قيل عن تعرضها للتعنيف، فإن هذا تعنيف موجه ضد كل الأردنيات.
تعرض الشخص للتنمر أو التعنيف يقود لآثار نفسية وجسدية، والتنمر في العمل يزيد مستويات هرمونات التوتر. إذ وفقا لمعطيات فإن التعرض للتنمر في العمل قد يؤدي لإصابة الضحية بالقلق والاكتئاب. كما أن التنمر يزيد من خطر تعرضهم لمشاكل متعلقة بالقلب مثل أمراض القلب أو السكتة الدماغية.
هناك دراسة أظهرت أن التعرض للتنمر قد يرتبط بزيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
على الصعيد القانوني يجب توعية الموظفين بأضرار التنمر على صحتهم، وتوجيههم أولا كيف يتعاملون مع المشكلة من ناحية قانونية، مثل التقدم بشكوى في العمل أولا، ثم التوجه لوزارة العمل مثلا إذا لم يستجب رب العمل.
على الصعيد الطبي يجب توعية الموظفين لأخطار التنمر، وأن عليهم أن لا يتحملوه لأنه قد يقتلهم. كما يجب توجيههم لأخذ المشورة النفسية والطبية إذا كانوا قد تعرضوا للتنمر، وتوفير عيادات مجانية لذلك.
فرضت جائحة كورونا ضغوطا اقتصادية كبيرة على قطاع كبير من الأردنيين، وجاء قانون الدفاع ليوفر الحماية لعشرات آلاف من الموظفين من أن يخسروا مصدر رزقهم.
لذلك، فإنني أدعو لتوسيع قانون الدفاع ليشمل حماية الموظف من التعنيف والتنمر، وذلك لحماية صحة الموظفين، في ظل هذه الظروف التي وضعت أحمالا كبيرة على مئات آلاف الكادحين من أجل لقمة حلال.
العجلة الاقتصادية مهمة، وتشجيع الاستثمار ضروري للاقتصاد، وأيضا على نفس القدر من الأهمية هو حماية الموظف، الذي هو راس المال الحقيقي للوطن.
* خبير السياسات الصحية