في مثل هذا اليوم قبل ثلاث سنوات كنا نمشي في سيق البترا، نلتف حول الخزنة، نلمس أعمدتها في محاولة لشد أزر سيدة الصحراء وسيدة العجائب..وفي مثل هذا اليوم، وبإيمان الأردنيين ومحبّتهم للمعشوقة الوردية، تربّعت البترا على عرش العجائب وصارت أهم نقطة على خارطة السياحة العالمية...

ومنذ ذلك اليوم، الى هذا اليوم والسائح يلوذ وراء الصخور، و»يقرمز» في الكهوف الصغيرة ليقضي حاجته،وينشف ريقه و»يلتعن سنسفيله» حتى يجد استراحة مخدومة أو مطعم «عليه العين « ليتناول فيها طعامه ..بعد ثلاث سنوات ..ماذا فعلنا للبترا؟ بعد آلاف السنين ..ماذا فعلنا لجرش وعجلون وغابات دبين وأم قيس والعقبة والبحر الميت وقلعة الكرك وام الجمال والرمثا ومادبا...

قبل سنوات قالوا انهم اكتشفوا مغارة في برقش تشبه الى حد بعيد مغارة«جعيتا»..ما مصيرها الآن؟ ..لا أدري!!..لكن لا استبعد ان تكون، مكاناً لمبتدئي التدخين، وأصحاب السوابق واللواحق، وللمراهقين والمنحرفين الذين يحلون فيها سوية «اسئلة سنوات سابقة» ...ثم ما مصير برقش ككل من السياحة المحلية؟؟..

لماذا يحتل الأردنيون أعلى نسبة سياح في لبنان!! ومثلهم في سوريا!! لماذا تتجول في شرم الشيخ وتركيا وكأنك تتجول في سقف السيل ؟ ماذا ينقصنا حتى نجذب السائح المحلي أولاً ثم السائح العالمي ثانياً.. عجلون لا تقل أهمية عن «حريصا» ،«جبل نبّو» أهم مليون مرة من جبل «قاسيون» والعقبة مثل شرم الشيخ ..وقلعة الكرك أهم من قلعة صيدا .. فلماذا نذهب هناك ولا نذهب هنا..

اولاً: بعروض شركات السياحة أمس،الرحلة الى لبنان 98 ديناراً 3 ليالي، الى شرم الشيخ 128 ديناراً، بينما الى العقبة 168، ديناراً لمثل المدة..العائلة المكونة من 5 افراد، تجد انها تستطيع توفير «200» دينار اذا ما سافرت الى شرم الشيخ بدلاً من التوجه الى العقبة..وتوفير «350» ديناراً اذا ما سافرت الى لبنان!!

ثانيا: لا يوجد لدينا تسويق سياحي حقيقي..نحن نجعل من الشيء لا شيء..هم يجعلون من اللاشيء ..شيء... هناك يخلقون من «الحجر» مزاراً ومن «دلو بلاستيك» قصة تاريخية تتوجه اليها المجموعات السياحية وتدفع ضريبة دخول وتنبهر «من جمالية الدلو» وتأخذ صورة تذكارية من الدلو...فن لا نتقنه!!

***

ثالثا:ما فائدة أهم موقع سياحي بالعالم اذا لم يكن مخدوماً بمطاعم وحمامات واستراحات محترمة ومستثمرين أصحاب صنعة وعمال بشوشين يعكسون صورة البلد الجميلة، في الدول المنافسة سياحيا..لا يتركون «خشّة» سياحية الا ويبنون حولها عشرات المطاعم والمقاهي ومراكز البيع التي تشرح القلب.. خذوا مثالاً في عجلون : منذ الصف السادس الابتدائي وأنا اشاهد نفس الفراريج يدرن في ماكينات الشواء في وسط البلد..لو شيء للدجاجة ان تعيش من جديد «كان هسع بتوخذ تقاعد ضمان اجتماعي»..

***

الموضوع لا ينتهي بمقال..لكن يبقى السؤال مطروحا على وزارة السياحة: اين انتم من معادلة الانبساط عند السائح المحلي والعالمي...لماذا هناك يدفع أكثر وينبسط وهنا يدفع أكثر ولا ينبسط؟!
الراي
ahmedalzoubi@hotmail.com