سألنا وزير الخارجية ناصر جودة قبل اسابيع عن سبب عدم زيارة وزراء خارجية عرب لغزة ، بعد قصة قافلة الحرية ، وقبلها ، فلم نسمع جواباً نهائيا.
تم ابلاغنا يومها ان عمرو موسى الامين العام لجامعة الدول العربية سيقوم بزيارة غزة بعد اربع سنوات من حصارها ، وهو الذي تذكرها تحت وطأة الاحراج الذي تسبب به الاتراك ، ولم يُسهم موسى الا بأن غنى الاغنية الشهيرة "جاوز الظالمون المدى" في قمة سرت الاخيرة ، وكم هائل من التصريحات والبيانات ، نقعه الغزيون في بحرهم ولم يشربوه.
نتوقع من وزير الخارجية ان يقوم بزيارة غزة ، لان الاردن اولى بثمار مواقفه ، وهو الذي وقف مع غزة بكل الدعم الممكن من مستشفيات وقوافل ومعالجة مرضى وغير ذلك ، وبرغم ان الاردن عمليا كسر الحصار مرارا الا اننا نتفرج اليوم على "الدبلوماسية الغربية" وهي تدخل على الخط ، في زيارات قريبة لوزراء خارجية غربيين الى غزة.
الغربيون قرروا احد امرين ، اولهما الفصل بين غزة ومعاناة الغزيين ، وقصة حركة حماس من جهة ثانية ، بحيث تكون زياراتهم لغزة موجهة فقط لغزة وشعبها دون الدخول في وارد تعميد حماس كحركة وكحكومة وهو مخرج اخلاقي بالنسبة للغرب ، حتى لا تؤخذ غزة بجريره حركة حماس ، وثانيهما ان الغرب قرر الدخول على خط غزة ، واهلها ومعاناتها ، وعبر هذا المدخل يتم التسلل الى الخطوط الخلفية لحركة حماس ، لرؤية افاق التعاون معها ، وحلحلة مواقفها بعد صمودها كل هذه السنوات.
ايا كانت دوافعهم ، فان الاردن كان له موقف مجيد تجاه الاهل في غزة ، وهو موقف شعبي وانساني وسياسي يتطابق مع الروح الاردنية "النبيلة" تجاه الشعب الفلسطيني ، حين يختار الاردن تاريخيا ان يكون الاقرب الى فلسطين ، والاقل متاجرة بهذا القرب ، والاقل ضجيجا وتطبيلا لما يفعله تجاه اخوة الدم.
لا يوجد ما يمنع من قيام وزير الخارجية بزيارة غزة ، حتى لا نفاجأ غدا بوزير الخارجية المصري او غيره من دول عربية واذ بهم وسط غزة ، واذا كانت العلاقة بين الاردن وغزة ، قديمة جديدة ، فان الاصل عدم تبديد هذا الارث ، والمخرج واضح ، حتى لا يتردد الاردن في الزيارة حذراً من حرد عباس ورفاقه في السلطة ، وهذا المخرج يقول انك تزور غزة وتتضامن مع الغزيين ، قبل اي شيء اخر ، دون الدخول في متاهات التفسيرات حول تقوية حماس على حساب السلطة او العكس.
الاردن من جهة اخرى ووفقا لمنطوق مرجعيات عليا لا يريد ان يتدخل في الخلافات بين السلطة وحماس ، ولا يريد ان يتوسط ، لانه خبر المساعي السعودية والمصرية والقطرية ، وعدم الوصول الى نتائج.هذا لا يعني ان يكون الابتعاد عن غزة الى هذه الدرجة من التحسس ، فالاردن لا يتدخل هنا في خلافات ، ولا يستقوي بحركة على حركة ، ولا يلعب دورا في اذكاء هذا الخلاف او ذاك.
هل سنرى وزير خارجيتنا في غزة ، ليكرس الموقف الاردني المناوئ للحصار عمليا ، وهو موقف سيرفع معنويات الغزيين كثيرا ، من فقراء ومعدمين ومظلومين ومرضى ، وممن يريدون رؤية وجه عربي يرفع معنوياتهم ، فالحناء الاردنية على اليد الغزية ، جميلة ، فلا تتركوا هذه اليد لغيرنا ليدعي انه هو فقط الذي غمسها في الحناء ، ودللها في الاوقات الصعبة.
"عندك بحرية ياريس"... صوت مجلجل يأتينا من شطآن غزة.
الدستور