تعدّ المواطنة بشكل بسيط ودون تعقيد هي إنتماء الإنسان إلى الدولة التي لديها، وخضوعة للقوانين الصادرة عنها وتمتعه بشكل متساوي مع بقية المواطنين بمجموعة من الحقوق وإلتزامه بأداء مجموعة من الواجبات تجاهها.
فالمواطنة علاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة، وبما تتضمنه تلك العلاقة من واجبات وحقوق في تلك الدولة، والمواطنة تدل ضمنا على مرتبة من الحرية مع ما يصاحبها من مسؤوليات، هي على وجه العموم تسبغ على المواطن حقوقًا سياسية مثل : حق الإنتخاب وتولي المناصب العامة.
إن مفهوم المواطنة له أبعاد متعددة، تتكامل وتترابط في تناسق تام، فهناك بعد ثقافي حضاري يعني بالجوانب الروحية والنفسية والمعنوية للأفراد والجماعات على أساس إحترام خصوصية الهوية الثقافية والحضارية ويرفض محاولات الاستيعاب والتهميش والتنميط. وهناك بعد اقتصادي اجتماعي يستهدف إشباع الحاجيات المادية الأساسية للبشر ويحرص على توفير الحد الأدنى اللازم منها ليحفظ كرامتهم وإنسانيتهم. وهناك أيضًا بعد قانوني يتطلب تنظيم العلاقة بين الحكام والمحكومين إستنادًا إلى عقد اجتماعي يوازن مصالح الفرد والمجتمع.
تعتبر المواطنة محضنا للهوية والمخصوصيات الحضارية والموروثات الثقافية، لذا يجب وضعها في المحيط الأقليمي والدولي عن طريق الانفتاح على كل الأوطان، والإطلاع على تجارب الأخرين، فلإنغلاق يؤدي إلى الجمود والإضمحلال.
كذلك عن طريق الاتزان الذي يؤدي إلى التطور والإزدهار.
إن غاية المواطنة أن يتمكن الإنسان من مآليات التنمية الذاتية والإنفتاح على المحيط، فالمواطنة التي يزيدها لا ينبغي أن تختزل في مجرد التوفر التشكيلي على بطاقة تعريف أو جواز سفر. ولا بد من الإشارة هنا أيضًا إلى موضوع الغيرة ... نعم الغيرة على الوطن والإعتزاز بالإنتماء إليه والمشاركة الفعالة في مختلف مجالات التنمية التي نتمناها وطنية كانت أو عالمية.
وكذلك التوازن بين ما هو محلي وما هو كوني للتخفيف من وطأة قيم العولمة وما ترتب عنها من إنهيار للحدود بين الثقافات المحلية والعالمية، وما صاحب ذلك من أثار سلبية. كذلك أيضًا المحافظة على الهوية الوطنية والخصوصية الثقافية بشكل يضمن الإنتماء الذاتي والحضاري للمواطن.
وللتربية دور هام اتجاه المواطنة، كترسيخ الهوية الإسلامية والحضارية بمختلف روافدها في وجدان المواطن، وربط أبناء الوطن بدينهم وتنشئتهم على التمسك بالقيم الإسلامية، والربط بينها وبين هويتهم الوطنية وتوعيتهم بالمخزون الإسلامي في ثقافة الوطن باعتباره مكونًا أساسيًا له. وكذلك ترسخ حقوق المواطنين وتسير شؤونهم، وتنشئتهم على حب التقيد بالنظام والعمل به.
وتهذيب سلوك الأفراد وأخلاقهم وتربيتهم على حب الآخرين، وحب السعي من أجل قضاء حاجات المواطنين. وكذلك تعويد الأفراد على حب العمل المشترك، وحب التفاهم والتعاون والتكافل والألفة بين كافة المستويات الاقتصادية في الوطن. وتعزيز حب الوحدة الوطنية، والإبعاد عن كل الإفرازات الفئوية والعرقية والطائفية الملعونة.