هويتنا الوطنية وازمة الهويات (2)
د. محمد ناجي عمايرة
02-11-2021 11:25 PM
قلت في المقالة السابقة ان هناك من يرى اننا نعيش ازمة هوية ..او تعدد هويات..في بلدنا العزيز.
واشرت الى ان هناك عددا من الهويات في حياتنا ابتداء من الهوية الذاتية او الفردية ومن ثم تتصاعد حجما وعددا من خلال دائرة العلاقات الاجتماعية والتشكيلات الاجتماعية كالأسرة والعائلة والعشيرة والقبيلة والحارة والقرية والمدينة وغيرها.
واقول اليوم إن هذا هو الشيء الطبيعي مالم تكن تلك الهويات سببا للتقوقع والانعزال او التعصب والعصبوية التي تؤدي الى انقسام المجتمع ،او إضعاف روابطه وعراه .
والذي اثار هذا الحديث هو ان بعض الكتاب والإعلاميين والسياسيين قد استغرب إيراد مصطلح الهوية الوطنية (الجامعة) في ديباجة تقرير لجنة تطوير المنظومة السياسية المرفوع الى المقام السامي.
و نود الإشارة هنا الى هذا المصطلح ليس جديدا فقد استخدمه عدد من الكتاب والمحللين في بلدنا عدة مرات خلال السنوات العشر الأخيرة،وهؤلاء كانوا من مشارب سياسية مختلفة.
ولم يعترض على ذلك أحد ..إلا بعد ان استخدمته اللجنة الملكية في تقريرها.
ومع ان اللجنة وضحت المقصود منه في سياق تقريرها ،إلا ان التقولات ظلت قائمة معتمدة على تكهنات او تفسيرات مختلفة للمصطلح ، لتبني على ذلك مواقف سياسية واجتماعية متباينة.
وإذا كانت اللجنة هي المعنية في الرد والتوضيح، فإن الامر الذي يحتاج الى جلاء هو سبب إضافة كلمة (الجامعة) الى كلمتي الهوية الوطنية..فمن رايي اننا لا نحتاج الى تلك الصفة في هذا السياق، ما دمنا ننسب الهوية الى الوطن فهي بالضرورة تشمل جميع مكونات هذا الوطن.
ولا ارى ان ثمة حاجة إلى الجدل حول هذه الهوية التي تعني باختصار كل العناصر التي تشكل الوطن والشعب.
ثم إننا ونحن ندخل المئوية الثانية من عمر الدولة لا نبحث عن هوية جديدة ،ولا نريد أن نخترعها فهي قائمة وراسخة.
بينما نجد ان بعض الآراء والتعليقات تبدي من المخاوف ما هو في باب التوهمات والتصورات غير الواقعية .فهويتنا الوطنية تشكلت تدريجيا مع تاسيس الإمارة وصولا إلى الاستقلال وإعلان المملكة، واستمرار المسيرة خلال مئة عام.
إن هويتنا الوطنية لا يجوز ان تكون موضع تساؤل ولا تشكيك. وهي لا تختلف عن اي هوية وطنية في دول اخرى،تتصل
بالانتماء والاعتزاز الوطني ،ولا تتناقض مع الهويات الفرعية التي أشرنا إليها لأنها أعلى منها في التراتبية وفي السلم الاجتماعي.
ولذلك نستغرب ممن يروجون لمحاذير سياسية كالتوطين او الوطن البديل او ما يسمى بالحقوق المنقوصة، او غير ذلك من توهمات خارج السياق.
ولا تعنينا أية تفسيرات طوباوية لهذه الجملة، لأن هذه الأمور باتت محسومة تماما بالاستناد إلى اللاءات الملكية الثلاث : كلا للتوطين ،كلا للوطن البديل ،والقدس خط احمر.
غير ان الحديث ينبغي أن ينصب على تعزيز الهوية الوطنية بالبعدين القومي والإسلامي وهما ايضا من المكونات الأساسية لهويتنا الوطنية وانتمائنا. ولعل الدعوة هنا تشمل التأكيد على الدستور الأردني وما يتضمنه من مواد تكفل الحفاظ على هويتنا الوطنية كالمواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات والانتماء العربي والإسلامي.
فالمهم هو ان تستمر مسيرة الإصلاح والتطوير والتنمية لمعالجة ما يواجه وطننا من تحديات اقتصادية واجتماعية وسياسية وان تتعزز قيم الديمقراطية والحرية و حقوق الأنسان وفقا لمبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.
(وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).