سناء قمّوه وسياسة الإنكار وتغطية الشمس بأصبع أو غربال!
باسم سكجها
01-11-2021 08:13 PM
تابعنا، كلّنا، ما قالته الدكتورة سناء قموه منذ البداية، وما واصَلت قوله في مقابلات متعدّدة، وشخصياً فقد اعتبرت الأمر، وما زلت، دقّاً لناقوس خطر، ولم أجد في أقوالها أية إساءة لأية جهة، خصوصاً أنّها ليست “إبنة أمس” في مهنتها، وأدارت أكثر من ثلاث سنوات المختبرات في هيئة الغذاء والدواء…
مثل هذه القضايا تُطرح يومياً في كلّ عواصم العالم المتقدم، وهناك عشرات الافلام الدرامية والوثائقية التي تتناول الأمر، وحتّى “السمك الفييتنامي” فهو قصّة قديمة متجددة، ويمكن متابعة عشرات التقارير حولها عبر “غوغل” و “يو تيوب”…
في مقالاتنا، عبر عشرات السنوات، تناولنا مثل هذا الأمر، ودعونا إلى حماية المستهلك ليس بجمعية واحدة مقرّبة من الحكومات، بل بفتح الباب أمام جمعيات كثيرة، وكلّكم تعرفون أنّ الأمر ووجه بمعارضات حادة من الكثير من الحكومات، في حماية ضمنية للأمر الواقع…
أتساءل أمام الجميع: مَن منّا لم يشتر علبة جبنة مستوردة، أو حتّى محلية، فاكتشف بعد فتحها بأنّ رائحتها تزكم الأنوف، وبعد تكبير المكتوب على العلبة، لأنّه أصلاً غير واضح، يجد أنّ صلاحيتها قد إنتهت، فلا هو قادر على إعادتها، ولا هو قادر على الشكوى، وليس أمامه سوى رميها في حاوية نفايات؟
بالله عليكم، ألم تدخلوا في حياتكم إلى صيدليات واشتريتم منها دواء دون إبراز شهادة طبية؟ ألم تشتروا مكملات غذائية شارفت صلاحيتها على الإنتهاء، أو حتى انتهت؟ ألم نجد الصراصير أو بقايا الحشرات في الطحين أو الأرز؟
أتذكّر أنّه في العام ١٩٩٠، أثيرت مسألة وجود ديدان في شحنة تمر جاءتنا هدية من العراق، وصارت قضية رأي عام، ولم يكن من رئيس الوزراء حينها إلاّ أن قاطع جلسة نيابية خُصصت لبحث الأمر، فأخرج عدّة حبّات تمر منها فأكلها، وقال للمجلس المحترم: قد يكون “دوده من عوده” ، وصارت نكتة سياسية تُروى؟
الحديث يطول حول الأمر، وبدون أن ننسى مشهد نائب رئيس وزراء يشرب من مياه محطة زي، التي أثير حولها قبل قليل من “العرب اليوم” تلوّثها، وبتأكيد من مختبرات، فظهرل نكتة سياسية مفادها أنّه كان يشرب مياهاً معدنية! فرنسية!
الحديث يطول أكثر، فهل ننسى وزير الصحة الدكتور الراحل أمين ملحس وهو يعلن فساد الدواء والغذاء، فصارت قضية رأي عام فأخرج من الحكومة في تعديل، ولكنّه عاد ممثلاً للرأي العام بعد أن انتخب في مجلس النواب، دون أيّ دعاية انتخابية!
حسب “عمون” اليوم، فإنّ رئيس هيئة الغذاء والدواء أعلن أمام لجنة نيابية أنّ الدكتورة سناء قموه حوّلت إلى المدعي العام، وليس بطلب من الهيئة، دون أن يعلن عن الجهة التي طلبت تحويلها، والسؤال: كيف عرف بذلك أصلاً؟
ما علينا، ففي تقديرنا أنّ الأمر لا يستأهل أن نشغل القضاء به، بل أن نقتدي بما طالب به نواب من تشكيل لجنة مستقلة، لا لبحث ما قالته الدكتورة قموه، بل لمعرفة الصحّ من الغلط في غذائنا ودوائنا، ويبقى أنّني أحترم السيدة التي علّقت الجرس، وأطالب مسؤولينا بوقف سياسة الإنكار، لأنّ الشمس لا تُخفى بأصبع ولا غربال، وللحديث بقية!