الهوية الوطنية والنخب الفاسدة ..
محمد حسن التل
31-10-2021 04:59 PM
الأردنيون من شتى منابتهم وأصولهم يعيشون حياة واحدة متماسكة متجذرة في الوحدة، يتزاوجون من بعضهم ويتشاركون في أرزاقهم وأعمالهم وسكناهم يثقون ببعضهم البعض، اختلطت دماؤهم اختلاط اللحم بالعظم، لا يعكر صفوهم إلا أولئك القلة التي تعتبر نفسها جزءا من النخب السياسية، فتراهم بين الحين والآخر يحاولون النخر في الجسم الواحد، ويضربون على وتر مريض لم يشعر به الأردنيون يوما فيحدثونك عن حقوق وعن هوية ملتبسة، ويختلقون منهما قضية لا أساس لها على أرض واقع الحياة، لتحقيق مكاسب شخصية فقط.
ففي كل مكون أردني يوجد البعض من هؤلاء، وعندما نقول مكونات الشعب الأردني فإننا لا نخترع شيئا جديدا، فكل شعوب الأرض في دولها تتشكل من مكونات متنوعة، وهذا الأمر لا يمنع أبدا أن يعيش الناس ككتلة واحدة متوحدة تلتقي على الغاية والأهداف الوطنية، والعرب بالذات يتميزون بذلك حيث كانت أرضهم مفتوحة على بعضها ولم يكن هناك حدودا مفروضة من "براميل" سايكس بيكو وغيرها، فترى العائلات تنتقل من مكان إلى آخر وتختار المنطقة الجغرافية ضمن الأرض العربية للعيش فيها على اعتبار أن هذه الأرض وطن واحد، من أجل ذلك وبمثل بسيط نرى أن أسماء العائلات تتكرر في معظم الدول العربية كما هي العادات والتقاليد، وهذا يؤكد أن العرب كانوا يعتبرون أن أرضهم واحدة من المحيط إلى الخليج لا تقسيم ولا حدود فيها.
الأردنيون والفلسطينيون في الأردن جسدوا أروع المثل في الوحدة، كشعب واحد جزء من أمة كبيرة منذ ما يقارب القرن حيث شكلوا لحمة عربية ذات حياة واحدة وهدف واحد، ربما تكون هذه الوحدة يوما ما قاعدة لوحدة كبرى بين أبناء العرب، فالعيش واحد والمصير واحد ولن نسمح لصاحب يد مرتجفة أن يلقي العصا الملوثة في العجلة الطاهرة.
كما قلت بين الحين والآخر تطل علينا موجة فاسدة أصحابها ذو نفوس مريضة يحاولون تلويث مياه النهر الطاهر، ربما لأجندات خارجية أو لأجندات شخصية مشبوهة.
الأردنيون حسب الدستور متساوون في الحقوق والواجبات وسواسية أمام القانون، والدستور مرجع الدولة كما هو مرجع الناس ويفترض أن يكون الواقع مرآة واضحة لنصوص الدستور ولكن لا تخلوا المسألة من أخطاء هنا وهناك، وأهواء شخصية وتصرفات حمقاء تشعر البعض بأنهم أقل من غيرهم في الحصول على حقوقهم، ولكن هذا بالقطع ليس سياسة دولة، فإذا كان هناك أخطاء فالأخطاء حكومية وأخطاء إدارات، وتصرفات مسؤولين ضيقي الأفق، وللحقيقة فإن هذا الشعور نتيجة بعض الأخطاء ينتاب كثيرا من مكونات الشعب الأردني المختلفة أحيانا، وهنا على الدولة أن تتنبه لخطورة هذه التصرفات التي تنتج عن أخطاء تجعل للأفكار السوداء مجالا في عقول البعض.
الحقيقة دامغة في عقول الناس ونفوسهم بعيدا عن بعض النخب الفاسدة، فلسطين هي فلسطين نفتديها بأرواحنا، فهي أرض العرب والمسلمين كما هي أرض أصحابها الفلسطينيين وحمايتها وتحريرها ليسا من شأن أبنائها فقط، فكلنا مسؤولون أمام الله تعالى ثم التاريخ ثم آلاف الأرواح التي زهقت على أرض فلسطين وآلاف العائلات التي شردت منها ظلما وزورا وخيانة.
والأردن هو الأردن دولة ضاربة الجذور في التاريخ وشعب قوي مؤمن بوطنه راسخ في أرضه عبر القرون دون مس سيادته "خرط القتاد" وهويته واضحة وضوح الشمس في النهار، هذه عقيدة الأردنيين من شتى المنابت والأصول فلن يستطيع أحد العبث بها، فليس من المعقول أنه كلما صرح أحد المأفونين المغمورين في إسرائيل تصريح أخرق تقوم الدنيا ولا تقعد، أو أن أحد المغفلين لدينا يطرح فكرة ملوثة أيضا نقوم ولا نقعد وندخل في دوامة نقاش أعمى وكأننا نعيش في كنتون وليس في وطن تعانق جذوره التاريخ.
سؤال في رسم الإجابة.. من قال يوما إن إسرائيل تاريخيا لا تستهدف الأردن وطنا وهوية، ومن قال إنها لا تستهدف فلسطين شعبا وأرضا.. بل ومن قال أنها لا تستهدف أرض العرب كاملة؟!