هل تعتقد أنَّ الموقع الجغرافي للأردنّ كان عاملاً مؤثراً في إستقرار الأردنّ سياسيّاً وإقتصاديّاً وإجتماعيّاً، وكيف ؟ وما هي كلفة هذا الموقع على الأردنّ ؟ إذْ تتجسّد الإجابة عنْ الأسئلة السّابقة منْ خلال ما يتمّ عرضهُ منْ نقاشات في هذا المقال.

يقع الأردنّ فلكياً بينَ خطي طول (59-31) شرقاً وبينَ دائرتي عرض (52-34) إلى (15-39)، أمّا عنّ الموقع النّسبي يقع الأردنّ جنوب غرب قارة آسيا، وقدْ إكتسب موقعه الجغرافي أهمّية بالغة عبر الحُقب التّاريخيّة، كما أنَّهُ إستطاع تكوين كينونتهُ (الكيان الأردنّي) في ظّل نشأة الكيانات العربيّة الجديدة كنتاج لما يسمّى (سايكس بيكو عام 1916م) الذي بموجبه قدْ ظهر للأردنّ حدود جغرافيّةٍ لأوّل مرّة، إذْ إعتمدت هذه الحُدود بشكلٍ كليٍّ على الطّبيعة الجغرافيّة سواء أكانت منْ (الجبال أو الصحاري أو الأنهار أو الأودية)، وبعد تكوين هذه الحُدود أصبح للأردنّ أربعة كيانات عربيّة مجاورة (سوريا – العراق – فلسطين - السّعوديّة).

والجدير بالذّكر أنَّ موقع الأردنّ كان يخترقه عدّة طرق تجاريّة ومنْ أهمُّها: (الطّريق الملوكي، طريق تراجان، ميناء العقبة – أيله -)، حيثُ أنَّ لتلك الطّرق أهمّيةٍ بالغةٍ منْ النّاحية التّجاريّة والسّياسيّة على حداً سواء، وتتميّز تلك الطّرق أيضاً بأهميةٍ كبيرةٍ ضمن الإقليم (الشرق الاوسط)، ممّا يسهم ذلك في تكوين العلاقات القائِمة بينَ الأردنّ والدّول العربيّة والغير العربيّة أيضاً، وبالنّسبة للمؤثرات الإجتماعيّة فيمكن القول أنَّها تتجسّد منْ خلال ضبط القبائِل المجاورة للحدود وكيفيّة إنتقالها منْ مرحلة القبيلة إلى الدّولة، أمّا منْ النّاحية الإقتصاديّة بشكلٍ خاصٍ، إذْ يمكن عرضها منْ خلال المرور على الأراضي الأردنيّة إلى الجزيرة العربيّة والعراق، ويمكن إبراز إيّجابيات الموقع الجغرافي للأردنّ بصورة أوضح من خلال الآتي:

١-النّاحية السّياسيّة: فرض سيادته على حدوده الطّبيعيّة على دول الجوار.

٢-النّاحية الإقتصاديّة: فرض الضّرائِب والجمارك على المعابر مع دول الجوار.

٣-النّاحية الإجتماعيّة : ضبط تحركات القبائِل وترسيخ مفهوم الدّولة لدى هذه القبائِل.

أمّا عنْ السّلبيات الّتي تكلفتها الأردنّ منْذُ تأسيسه يمكن أنْ تندرج معضمها بالنّاحية الإقتصاديّة على الأغلب الّتي ترتيط بباقي النّواحي، ومنْ أهمّها قلة الثّرواتْ بجميع أشكالها حسب ما يتمّ تصريحه منْ الحكومات الأردنّيّة المتعاقبة منْذُ عام 1921م، وبالتّالي بطريقة غير مباشرة تتأثّر باقي النّواحي بالسّلبيات الإقتصاديّة سواءً سياسيّة أو إجتماعيّة.

وعن التّكلفات المتّرتبة لهذا الموقع الجغرافي على الأردنّ، فقد شهد الإقليم بأسره عدد منْ الأحداث منْذ نشأة الكيانات العربيّة، إذْ يعدُّ الأردنّ منْ أهمّ هذه الكيانات التي إستطاعت على الإستقلال منْ الإنتداب البريطاني بأِقل الخسائر وأربحها، وقدرتهُ على توازن علاقتهُ الخارجيّة بالشّكل الذي لا يجعلهُ يفرض صراعاً مع أي جهة، ولا ننسى الصّراع العربي الصّهيوني الذي كان للأردنّ الحصّة الأكبر منْه، إذْ يمتلك الأردنّ شريط حدودي يبلغ حوالي (360 كم) بينَها وبينَ فلسطين "المحتلة"، وفي الختام نجد أنَّ الأردنّ مع تتبع تلك الصّراعات قدْ حمل الحصّة الأكبر منْ تلك التّكلفات سواءً على النّاحيتين الماديّة والمعنويّة.