المجازر الصهيونية وتجليها المعاصر
المحامي فايز بصبوص الدوايمة
29-10-2021 12:21 AM
ليس هناك من استدامة للمشروع الصهيوني في المنطقة إلا عندما يمارس آلياته القمعية التاريخية فالمجازر في كل أبعادها البشرية التي مورست في مرحلة تأسيس هذا الكيان الصهيوني الغاصب والتي سفكت الدماء في كل مناطق وعموم فلسطين الحبيبة ومنها واكثرها بشاعة مجزرة الدوايمة والتي ادت الى ترسيخ الاحتلال الصهيوني المتدرج والقضم كسياسة تأسيسية دموية لهذا الكيان..
هذه المجزرة والمجازر التي ارتكبت في عموم فلسطين كانت تستهدف بالأساس القضاء على الهوية الفلسطينية من خلال صناعة الموت والخوف تصبو من خلالها الحركة الصهيونية لتذويب الهوية الفلسطينية في الاقليم وذلك بالرهان على الزمن وتقلباته هذا من جانب ومن جانب اخر فهي تستكمل مشروعها من مجازر سياسية تتمحور حول تعميق مفهوم الدولة اليهودية الخالصة والقائمة على التهويد والقضم المتدرج للأراضي الفلسطينية من خلال توسيع دائرة الاستيطان والاستيلاء على محيط القدس واعادة بناء الديمغرافيا السكانية لمدينة القدس من خلال سياسة الاحلال بطرد المقدسيين من اراضيهم التاريخية وهو ما يمارس اليوم في الشيخ جراح وميسلون والمقابر المحيطة بالمدينة المقدسة.
ان مجزرة الدوايمة ليست ذكرى احيائية انما هي ذكرى لإعادة تحديث الذاكرة الفلسطينية عامة وذاكرة ابناء الدوايمة خاصة بان الاحتلال والتهويد ما زال قائما وان المجازر لم تتمحور حول سفك الدماء فقط وانما هي تأخذ اشكالا وابعادا جديدة واهم ابعادها الحرص الشديد على مجازر سياسية ومعاشية يومية واعتقالات وتضيق على الحركة الاسيرة الفلسطينية الباسلة وترسيخ مفهوم الزمان والمكان في المسجد الاقصى المبارك من خلال حماية قطعان المستوطنين التي تدنس بشكل يومي وممنهج باحات المسجد الاقصى المبارك.
وهو ما يصطدم مع صمود الفلسطينيين على مدار التاريخ وبسالتهم في التصدي الى كل اشكال العنصرية والنازية الجديدة المتمثلة في هذا الكيان الغاصب.
في هذا السياق نستذكر أن النضال الفلسطيني الشعبي والعسكري بالتماهي مع حراك دبلوماسي نشط أدى إلى اعترافات حقيقية ودولية بالهوية الفلسطينية، ما جعل الاحتلال الصهيوني مرتبكا ومخزيا ومعلولا في كل المحافل الدولية والتي أدت إلى نتيجة طبيعية بأن الشعب الفلسطيني لم ولن يتراجع عن حقوقه التاريخية..
فالحراك السياسي الذي يتماهى ويسير بالتوازي مع الدولة العربية الوحيدة وهي المملكة الاردنية الهاشمية والتي تعتبر القضية الفلسطينية محورية في كل خطوة من خطوات الدبلوماسية الاردنية وهو خطاب مركزي حازم في كل اللقاءات التي يعقدها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وهذه الدبلوماسية التي ادت بكل صدق الى اجهاض مشروع صفقة القرن من خلال التنسيق والتكامل بين الشعبين الشقيقين وما زالت القيادة الهاشمية وخلال جولة جلالة الملك الأخيرة الى اوروبا تركز في البعد السياسي والدبلوماسي على الموقف الاردني الحازم والقائم على الحفاظ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني والهوية الفلسطينية الجامعة وحقه في تقرير مصيره واقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعدم السماح باي شكل من الاشكال للكيان الصهيوني بالالتفاف على الثوابت التاريخية والقانونية لمدينة القدس الشريف والتي تستهدف الوصاية الهاشمية على المدينة المقدسة في بعديها الاسلامي والمسيحي.
وهذا كله ما نستذكره من خلال استعراض تاريخ المجزرة الصهيونية لبلدة الدوايمة وتجلياتها المعاصرة.
الرأي