راعني مقالٌ طالعتهُ على وسائل التواصل الاجتماعي للكاتب الرزين (د. وليد عبد الهادي)، وبالمناسبة لم يسبق لي أن قابلته، ولكنني شغوف بما يكتبه هذا الباحث الجاد والمُقنع، ومقالهُ يتحدث عن المقاييس الدولية التي تعالج ثلاثة عشر مؤشراً تغطي الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية في الأردن، وتتعلق بالديمقراطية والفساد والعولمة والديون والجريمة الاجتماعية وتمكين المرأة والبطالة ومواضيع أخرى، وقد خَلُص في مقالهِ الى أن وضعنا في الأردن لا يبعث على الطمأنينة، بل يبعث على مزيد من الخوف والقلق.
التوقف عند صيحات أو دقات جرس الإنذار لا يعني أننا نترصد للإضاءة على النقاط الداكنة في مسار البناء والتنمية التي يتغنى بسلامتها ونموها المسؤولون عن هذه القطاعات على شاشات التلفاز وصفحات الجرائد، كما أننا لا ننكر التطور الكبير الذي حققته دولة المئة عام، وننتشي عندما نُطالع أن نسبة الأمية تكاد أن تختفي في الأردن، وننتشي بانخفاض معدل الجريمة مقارنةً مع باقي الدول، لكن تسجيل إحدى عشر مؤشراً مفصلياً في حياتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية في خانة الضعيف، يستدعي من دوائر الدولة المختلفة الانتباه والتأهب ومراجعة جميع هذه القطاعات وإصلاح ما يمكن اصلاحه قبل دخولنا عتبة زلاجة الانهيار الحاد وما قد يتبع ذلك من نتائج لا تُحمد عقباها، فعندما يصل متوسط المؤشر العام لجميع هذه القطاعات 36.92%، فنحن نغذُ الخُطى نحو حالة من الاستعصاء والانسداد والفشل، رغم كل التطبيل والتزمير الذي تصدح به أبواق الحكومات المتعاقبة.
" دينار على كل حقيبة "
بعد عودته من رحلته الأخيرة من فلسطين وحديثه لي عن غلة الزيت والزيتون التي تصرف بها وعن المعنويات العالية لأبناء قريته " كفر اللبد"، طلب مني الصديق والمعلم المفكر ( حسني عايش ) أن استفسر له فيما اذا كان هناك شركة تقدم خدمات حراسة حقائب العائدين من الضفة الغربية الى الأردن وأخبرني عن وجود مجموعة شباب في مركز الحدود يتقاضون ديناراً واحداً عن كل حقيبة يحملها صاحبها ويخرج بها من المركز الحدودي، ويقول إنه في كل يوم تخرج عشرات الآلاف من الحقائب، وأنه رفض دفع هذا المبلغ لأنه لم يضعها تحت الحراسة ولم يقم أحد الشباب المتواجدين على الباب لا بحملها ولا باستلامها، وأنه طلب من أحدهم الإفصاح عن اسم الشركة إلا أنه امتنع عن ذكره، وبالختام فإنه يصف ذلك بقرصنة من جهة مجهولة الهوية، وسألني عن إمكان إقامة دعوى لدى المحاكم على هؤلاء المستغلين للمسافرين بغير وجه حق.
وباللغة القانونية نحن ندرس هذه الإمكانية على قاعدة " أنه لا يجوز الاثراء بلا سبب، وأن هذا الفعل لا يعدو إلا أن يكون نوعاً من الأتاوة المبطنة التي لا تستند الى أي تشريع قانوني "، ويبقى السؤال: من هي هذه الشركة التي تم الترخيص لها بتقاضي دينار على كل حقيبة لا تحملها ولا تحرسها ولكنها تطالب فقط بدينار عند الخروج من الساحة!!