في إعادة الحديث عن الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية
فيصل تايه
26-10-2021 08:43 PM
انطلاقا من الرؤية الملكية السامية النابعة من ايمان جلالةُ الملك عبد الله الثاني ابن الحسين ، بأن تنمية الموارد البشرية خيار إستراتيجي ومن ضمن الأولويات التي تدفع بأنّ الإنسان الأردني هو الهدف الأساس لمسيرتنا التنموية ، حيث يؤكد جلالته باستمرار على أهمية الاستثمار بالإنسان ، تعليماً وتدريباً وتأهيلاً ، بهدف إعداد جيل من الشباب القادر على التفكير المستنير والتحليل والإبداع والتميز .
ان ما يتحدث عنه جلالة الملك دائماً ينبع من ايمان جلالته العميق بالأهدافٍ السامية التي تتجسّد بتسليح الأجيال بالمعرفة ودفعهم نحو الحرص على المشاركة الإيجابية والمثمرة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وبما يسهم في تعزيز مسيرة البناء والعمل ، وهذا ما يستحوذ على اهتمام الاردنيين ايضاً ، والذين يتفقون على أهمية التعليم باعتباره قضية وطنية باعتبار ان التعليم هو أساس التنمية البشرية وتطوير الذات وبناء القدرات .
ان حرص جلالته وإدراكه لأهمية ايجاد منظومة متكاملة واستراتيجية شاملة وواضحة المعالم لتنمية الموارد البشرية ، تؤطر عمل القطاعات المعنية بالتعليم وتنسجم مع مخرجات الرؤية الاقتصادية ، وصولاً إلى تنمية بشرية تُمكّن من بناء قدرات أجيال الحاضر والمستقبل ، وتسليحهم بأفضل أدوات العلم والمعرفة ، وبما يحفّز ويشجّع على التميز والإبداع ، ليكون ابناؤنا مؤهلين وقادرين على المنافسة بكفاءة عالية ، ليس على مستوى الوطن فحسب ، بل على المستوى الإقليمي والدولي.
وفقاً لكل هذه المعطيات وكما سبق وأشرت ، فقد جاءت الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية عام ٢٠١٦ وانطلقت لتترجم رؤية جلالته ، حيث حظيت بمتابعة مباشرة من جلالته ، والتي تضمنت اربعة قطاعات رئيسية ( التعليم المبكر وتنمية الطفولة ، التعليم الاساسي والثانوي ، التعليم العالي ، وقطاع التعليم والتدريب المهني والتقني) لتكون بداية تشكل تنمية شاملة للموارد البشرية وفق برامج وخطط قابلة للتطبيق ومؤشرات قياس واضحة ، كي تصبح نهجاً ثابتاً وراسخاً للحكومات المتعاقبة ، ومهما تغيرت أو تبدلت تلك الحكومات ، فان هذه الاستراتيجية ستبقى نهج تترسم من خلالها خارطة طريق امام المعنيين لأولويات الإصلاح والتأهيل في النظام التعليمي في جميع مراحله ، بالإضافة الى تفعيل دور مؤسسات القطاع الخاص ، كما وانها جاءت لتنسجم مع مخرجات الرؤية الاقتصادية والخطة التنفيذية وغيرها من الخطط والاستراتيجيات الوطنية للسنوات العشر التي ستنفذ خلالها ، ذلك بهدف البناء على الجهود التي بذلت على ذات الصعيد ، وصولاً إلى بناء قدرات أجيال الحاضر والمستقبل ، وتسليحهم بأفضل أدوات العلم والمعرفة.
وبذلك فان منطلق الحرص من جلالة الملك واهتماماته المتعلقة بما سبق وتحدث فان جلالته يأمل على الدوام أن تنعكس هذه الإستراتيجية على حياة المواطنين مباشرة ، مع تأكيد جلالته المستمر على ضرورة أن يلمس المواطن تحسنًا في الخدمات التعليمية ، وبما يسهم في التخفيف من الأعباء الاقتصادية ، مثلما يؤكد أهمية الإسراع في إصلاح قطاع التدريب المهني والتقني لتزويد الشباب بالمهارات التي تواكب احتياجات القطاعات الاقتصادية والخدمية في أسواق العمل ، اضاقة إلى الإسراع في توظيف تكنولوجيا المعلومات في مختلف البرامج التعليمية ، لذلك فإن على مختلف المسؤولين القائمين على تنفيذ هذه الإستراتيجية ، العمل بتعاون مستمر نحو مراجعة ما تم إنجازه على أرض الواقع، وضرورة الإسراع في إنجاز ما تبقى من أهدافها دون تأخير ، ذلك أن تحقيق المأمول من هذه الإستراتيجية يتطلب تضافر جهود جميع المؤسسات والجهات ذات العلاقة بما فيها القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني ، بما يُمكّن من فتح آفاق الفرص أمام الشباب الأردني ، ويطلق إمكاناتهم وقدراتهم على طريق مسيرة التنمية والتطوير التي نصبو إليها جميعًا، خدمة للوطن والمواطن.
اننا ونحن نتحدث عن هذا الموضوع ومع عودة الدكتور وجيه عويس الذي أسهم في بناء هذه الاستراتيجية ما سيدفع الى التفات الى اهم التفاصيل التي تتعلق بهذه الإستراتيجية ، فالكثير من تلك التفاصيل تحتاج لاعادة تسليط الضوء عليها لكن بمزيد من المكاشفة والمصارحة ، خاصة في الأمور المتعلقة بتطبيق مخرجاتها ، والتي كان من المتوقع لها أن تحدث ثورة في التعليم لما بذل فيها من جهود كبيرة لا سيما في مجال التكنولوجيا وخاصة في ظل الظروف الحالية وما تبعها من متغيرات أحدثتها جائحة كورونا ، اضافة للامور المتعلقة بضرورة إدماج التكنولوجيا في التعليم والذي هو أحد أهم محاور الاستراتيجية خاصة في الامور المتعلقة بتوظيف التكنولوجيا سعياً الى تجويد التعليم ، ذلك الخيار المستقبلي الاستراتيجي ، من خلال الاستعانة بخبراء لتحليل واقع إدماج التكنولوجيا في التعليم بشكل يمكننا من مواكبة التطورات التي حدثت في العالم المتقدم .
اننا نعي تماماً ان المحرك الأساسي في تحقيق ما تصبو إليه الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية هو الاهتمام بالتنمية المهنية بمفهومها الواسع ، وان اهمية التعليم تنبع من كونه قضية مجتمعية ، فالتعليم يهم كل بيت أردني ، لذلك فان وزارة التربية والتعليم هي وزارة كل بيت ، فلا يوجد بيت يخلو من تلميذ أو طالب في مراحل التعليم المختلفة ، فلذلك فان المعلم هو محور العمليه التعليمية ما سينعكس بدوره على أداء المعلم ومن ثم الارتقاء بمستوى تحصيل الطلبة ، حيث ان الطلبة يقضون معظم أوقاتهم مع معلميهم ، يتعلمون ويتحدثون ويتفاعلون ، مع عدم الإخلال بمفاصل منظومة التعليم الأخرى من مناهج وبيئة مدرسية وقنوات التواصل المجتمعية والمنظومة القيمية وغيرها ، لذلك فانني ادعو معالي وزير التربية والتعليم والتعليم العالي الاستاذ الدكتور وجيه عويس إلى اعادة تقييم لما تم إنجازه ومتابعه التتفيذ من المعنيين في وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي ورؤساء الجامعات الوطنيه .
واخيراً وان اطلت وعلى أهمية هذا الموضوع ، فنحن في حقيقة الأمر بحاجة إلى ثورة بيضاء على كل ما هو تقليدي في منظومة التعليم في كل مراحله ، ومن هنا لا بد من العمل على معالجة جميع مواطن الخلل ، وإصلاح منظومة التعليم ، حيث ان إصلاح التعليم يجب ان لا يقتصر على الإصلاح المؤسسي والبنيوي والإداري فحسب ، بل يجب أن يتعدى ذلك إلى الاهتمام ببناء شخصية الطالب المتزنة والمتوازنة من خلال الاهتمام بالمعلم لما له من دور فعال في عمليات الإصلاح المنشودة.
وللحديث بقية