من الهامش إلى كرسي الرئيس ثم مفكر .. هل رأى الناس وجه الروابدة اليوم؟
25-10-2021 09:11 PM
عمون - عبدالله مسمار - من الهامش خرج رئيس الوزراء الاسبق عبدالرؤف الروابدة بجديته وانغامسه في العمل والقضايا الوطنية، مع بعض حظ، وتعليم وقراءة ومطالعة لتبرز قدراته الإدارية والفنية فينتهي به الدور بمنصب الوزارة، ثم تتعدد الوزارات فتتسع التجربة حتى يرسو عليه خيار الملك المعزز كأول رئيس وزراء في عهده، ليرى الناس وجهه اليوم، هكذا وصف الروابدة نفسه..
في قراءة لكتابه "هكذا افكر" في المركز الثقافي الملكي تحدث بها الدكتور مهند مبيضين وحاوره الدكتور مهدي العلمي، قدم الروابدة نفسه بنفسه، وخلال توجهه الى المنصة مازح الحضور قائلا "خلي الناس تشوف وجهي" إشارة إلى كثرة عدد المايكرفونات التي وضعت امامه.
الروابدة قال إن كتابه نتاج تجربة حياة غنية. لمواطن من عامة الناس. من فئة عاشت اربعينات القرن العشرين على هامش المجتمع. كان يكفيها قطعة أرض صغيرة تستدرها بعرق مجهد لضمان لقمة العيش. ما كان ابن زعامة مجتمعية أو قيادة وظيفية أو عائلة متمولة تفتح أمامه الميادين.
وصف نفسه في نشأته بنبات بري كان يعيش على ماء السماء تحتضنه تربة مكدودة في طقس متقلب. يشب حيناً ويذبل آخر ولكنه لا ينقرض. ينافس نباتات برية أخرى وليس عنده فرصة لمنافسة نباتات محمية مرعية. فيما لم تكن عائلته مسيسة حتى ينسج على منوالها، ولم تكن أسرته متعلمة يكسب من ثقافتها، إلا أنه عاش في بيئة سداها الحب ولحمتها التعاون.
قال إن "ُكُتَاب" القرية كانت بدايته في فك الخط وتلاوة القرآن الكريم والتعامل مع الأرقام، لكنه عشق ما درس، فانتقل إلى مدرسة القرية المجاورة، تنفس فيها علما أوسع، وكان همه الجدية في التعلم، يجذبه المعلم الذي يأسره بعلمه وخلقه. فكسب رضا معلمیه ولذلك قدموه ليترفع إلى مدرسة المدنية، وهناك تفتح وعيه على ثقافة جديدة، وأبهره حوار حزبي متعدد، فشارك بجدية وانغمس بالعمل العام والقضايا الوطنية، لينتعش النبات البري فيعرف التقدير والإعجاب بالتفوق.
لم ينكر الروابدة على الدولة فضلها، قال إن رعايتها للمبدعين شملته فاوفدته إلى بيروت "سويسرا الشرق"، ودرس هناك في الجامعة الأمريكية تخصصاً أرادته الدولة ولم يكن يوماً هدفه، إلا أن خاصية النبات البري بالتحدي برزت قائلا: "إذا لم يكن ما تريد فارد ما يكون".
اجتهد الروابدة وتقدم، بحسب ما قال، فتفتح وعيه على أفاق جديدة، دنيا واسعة بالفكر والثقافة، وحرية في الرأي والموقف، وأفكار تتلاقح دون صدام، إلا أنه تحصن بثقافته الدينية فزاوج بين قيمه المستقرة والمستجدات فانسجم دون إغراق.
مجددا يذكر الروابدة فضل الدولة عليه، فوجد الوظيفة جاهزة، نتاج التزامه كمبتعث، وخدمه علمه واجتهاده مع بعض الحظ ليترقى في حقل تخصصه.
يقول الروابدة إنه أغرق نفسه بالتعلم والقراءة والمطالعة. فبرزت قدراته الإدارية والفنية لينتهي به الدور بمنصب الوزارة، ثم تتعدد الوزارات لتتسع تجربته حتى رسى عليه خيار الملك المعزز عبدالله الثاني كأول رئيس للوزراء في عهده.
الروابدة اعتبر نفسه في حديثه صاحب دور ومواقف وبعض إنجاز، إلا أن النبات البري بقي ذهن إبن بيئته الذي حلت عليه تربته، فوجد أن النيابة تخدم عشقه وتعمق دوره ليتوسدها عشرين عاماً.
يقول إنه صدق بتمثيل وطنه بفعالية شهد بها حتى الشانئ، وبقيت النيابة عشقه حتى بعد منصب الرئاسة فعاد لها في سابقة تكررت مرة واحدة.
نتاج ذلك كله تراكمت تجربة الروابدة، فتعددت ميادينها لتختمر خلال نصف قرن غذاها بالتعلم والتجربة والقراءات الواسعة والمعمقة، لتفصح عن فحواها دراسات معمقة ومحاضرات وخطابات ومواقف نيابية فيها تعبير صريح عن الأردن والأردنيين، كل الأردن وكل االأردنيين، وفق ما قال، مداها واسع يشمل التاريخ والجغرافيا والدولة الأردنية الحديثة.
يصف الروابدة كتابه هكذا افكر، بجامع هذه الدراسات والمحاضرات والمواف، ففيها عن الهوية الوطنية والمواطنة والانتماء، وفيها عن التحديات والإصلاح وعن الديموقراطية والانتخابات، وعن التربية والصحة والعمل البلدي وعن الإدارة عصب الإنجاز، ليضعها بيد الأجيال..
يرى الروابدة، أنه يعي بوضوح أن آراءه تعبر عن فكرة، ولا يدعي الحكمة المطلقة ولا يحاول احتكار الحقيقة، وهذه الآراء فيها الخطأ أو القصور احتمال لكن الصواب هو الهدف، ويعتبر آراءه جهد المقل في عشق الوطن ولذلك يهداها إلى الأردن وإلى الأردني. الأردن الوطن والأرض والإنسان والنظام محضن المشروع النهضوي العربي، الصدر الرؤوم لكل من فاء إليه. والأردني الذي انجز على مخمصه بقيادة الصيد من بني هاشم. الأردني، الذي يعتز بهويته ويفخر بعروبته ودوره في قضايا أمته ما توانی حین روع ولا تخاذل حين شدة.