شاهدت فيديو المواجهة الحادة التي جرت يوم الثلاثاء الفائت بين رئيس القائمة المشتركة عضو الكنيست أيمن عودة والمتطرف ايتمار بن غفير رئيس حزب «قوة يهودية» والتي كادت أن تتحول إلى عراك بالأيدي على باب غرفة الأسير مقداد القواسمي في مستشفى «كابلان».
في الفيديو يظهر أيمن عودة وهو يمنع بن غفير من الدخول إلى غرفة الأسير القواسمي ويقول له وبصوت عال (اذهب من هنا)، بن غفير رد قائلاً (هذا وطننا ونحن أصحاب البيت، من أنت كي تمنعني من الدخول إلى غرفة القواسمي)، حينها رفع أيمن عودة صوته وقال لبن غفير أنت «إرهابي ولكن صغير» وقام بدفعه بقوة من أمام باب الغرفة.
الحادثة بحد ذاتها تُظهر مدى التطرف الذي أخذ يزداد في رحم المجتمع الاسرائيلي والذي تراكم بدرجة نوعية وكمية منذ اغتيال رابين عام 1995 وطوال فترة حكم نتنياهو المتواصلة منذ عام 2009 حتى 2021، وكيف أن العقل العنصري الاسرائيلي لم يعد قادراً على استيعاب وجود أصحاب الأرض الأصليين كشركاء معه في «دولة الاحتلال» والذين من المفترض انهم مواطنون وفقاً للقانون تماماً كما هم اليهود والذين جاء معظمهم من «بلاد الخزر» في أوروبا الشرقية والتي أثبتت الدراسات الأنثربولوجية أن لا علاقة لهم بالسامية لا من قريب أو بعيد وهم أعراق مختلفة ولكن غالبيتهم من العرق «السلافي» الذي ينتشر في روسيا واواكرانيا وبيلاروسيا والمانيا وبولندا وبلغاريا وغيرها، وبالتالي هم في الأصل ليسوا يهوداً، تماماً مثل حالة «الفلاشا» من أثيوبيا المنحدرين من عرق «حامي» وليس «ساميا».
هذه الواقعة تركت أثراً وصدى كبيرين داخل «دولة الاحتلال» وجرى تسليط الضوء عليها في الإعلام سواء المرئي أو المسموع وتوقفت عندها صحيفة معاريف في تقرير لها يوم الخميس الماضي عالجت فيه القضية بمنتهى الجرأة والموضوعية ووصفت المشهد وهنا اقتبس تماماً ما قالته (.. يجب إدانة هذا المشهد المخزي الذي انزلق إلى شجار حقيقي، لكن من الأفضل أن نفهم أن هذا الحادث لم يحدث في فضاء فارغ، فالجو العام ممتلئ بأبخرة وقود الكراهية والغرائز، المجتمع الإسرائيلي مريض والكنيست صورة له، من حق أيمن عودة التحقق من ظروف اعتقال الأسرى ومكوثهم في المستشفى، وخصوصاً إذا كان المقصود شخصاً لم يُحاكَم ومضرِباً عن الطعام، وهذا لا يحوله إلى مؤيد للإرهاب، أو إلى إرهابي، لكن من المؤسف أنه لم يحافظ على ضبط النفس، في المقابل، بن غفير فعل ما يتقن فعله منذ ثلاثة عقود: خلق الاستفزازات، والتحريض، ونشر العقيدة العنصرية لأستاذه وحاخامه مئير كهانا).
إن فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948 هم أحد أبرز أدوات الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وإن كان هناك مشروع يمكن أن يدعم نضال الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة هو تعزيز قوة ابناء «1948» بالتواصل الحيوي معهم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً والرفض المطلق لاعتبار هذا التواصل تطبيعاً وأقصد هنا الجهات المناقضة للاحتلال، فهذا المصطلح بات بحاجة إلى إعادة تعريف وتفسير، فهل إذا ما تواصلت مع أيمن عودة سيعتبر ذلك تطبيعاً؟
(الرأي)