هيا بنا نحتل الضفة الغربية!
فايز الفايز
24-10-2021 01:04 AM
ليس غريبا أن تعود معزوفة الكتّاب المتسللين لدعم ضم الضفة الغربية ككانتون متشظٍ الى عمق الدولة الأردنية بعد ثلاثة وثلاثين عاما من قرار فك الارتباط عن الضفة الغربية 1988، فالمايسترو لا يزال يتبادل الأدوار لخدمة الهدف المنشود منذ عام 1948 لصالح الدولة المحتلة التي لعبت الدور الخبيث في ضم غالبية الأراضي الفلسطينية كما تقضم الفئران الحقل عقب احتلالها الضفة الغربية 1967 وأسست هناك مستعمرات لخمسمئة الف مستعمر جديد.
مقالة الفورن بوليسي لا يمكن أن تولد من مجرد هاو، بل هي توليفة منتقاة ضمن توقيت حساس يدرك مهندسوها كيفية استخدامها كبالون اختبار لدى الرأي العام الذي باتت السياسة آخر همومه، ولهذا وبعد اسبوع على مقالة المشروع الذي كاد أن يقول هيا بنا نحتل الضفة الغربية، خرج مقالين لثلاثة كتاب إسرائيليين أمس السبت، «يوئيل زنجر وميني ماونتر» في مقال مشترك عبر هآرتس، و"يوسي بيلين» في إسرائيل اليوم، والصورة الأوضح لإعادة الحل الإسرائيلي على حساب القضية الفلسطينية تختصرها فقرة خبيثة في مقال هآرتس، إذ يقترح الكاتبان «تطوير فكرة الكونفدرالية كحل للعلاقات بين اسرائيل والفلسطينيين»، مطالبين بتبني إعادة إحياء حل الكونفدرالية بين اسرائيل وفلسطين، ولاحقا ايضا بمشاركة الأردن.
في نهاية هذا الأسبوع ستحل الذكرى الثلاثون لمؤتمر مدريد الذي جمع لأول مرة الأعداء المفترضين على طاولة واحدة، الأردنيين وضمنهم الوفد الفلسطيني، والوفد السوري ومعهم اللبنانيون، وفي النهاية تحصّل الإسرائيليون على عقد سلام مع الجانب الفلسطيني على أسس المفاوضات السرية بينهم وبين محمود عباس، ثم تبعهم الجانب الأردني، ولكنهم لم يفوزوا بسلام معلن مع الجانبين السوري واللبناني، وقد بدأت الماكينة الإعلامية منذ الآن عبر كتّاب شارك بعضهم في مؤتمر مدريد وما لحقه، وتتحدث عن إمكانية إعادة إحياء الأفكار القديمة عن كونفدرالية بين الفلسطينيين والدولة العبرية من الممكن أن يشارك بها الأردن.
في الجانب الأردني غير الرسمي، تحركت ردود الفعل لقوى وطنية من الجانبين الأردني والفلسطيني ضد المؤامرة المفترضة التي بدأت مجددا في مقالة عبر مجلة فورن بوليسي حملت اسم كاتب تدعو لأردنة الضفة الغربية وسكانها الصامدين على فلسطينيتهم، في تجديد للمؤامرة على الشعبين الشقيقين، قد تلوح ملامحها قريبا في ظل الضغوطات الخفية على القرار الأردني الرسمي، رغم تأكيدات الملك عبدالله الثاني المتكررة بأن الأردن لن يكون بديلا لفلسطين.
إن إعادة تبني مشاريع تصفوية يبحث عنها أشباح جدد هي سقط متاع لأفكار قديمة، فالكثير يعلم بتعثر المناقشات بين الملك الحسين وياسر عرفات حول صيغة لإعادة ضم الضفة الغربية مع الأردن، ولكن لم يتوصلا لحل، فالحسين كان يقترح نظاما فيدراليا، بينما عرفات كان يريد نظاما كونفدراليا غير مركزي، وفي النهاية لم يحصل سوى على مبنى المقاطعة التي قاتل من داخلها، بينما الكيان الإسرائيلي ابتلع كل شيء، ولا يمكن للأردنيين أن يقدموا أكثر مما قدموا في التاريخ المشترك.
القيادة المركزية في منظمة التحرير التي تقود الحكم في الضفة الغربية لا تستطيع إجراء أي خطوة انفرادية اليوم مع الحكومة العبرية، فزمن الاتفاقات السرية ولى مع أول مشروع تقابل فيه بيلين وعباس قبل ثلاثين عاما، وأي صيغة لدولة فلسطينية بعيدا عن حدود الرابع من حزيران 1967 لن يقبلها الفلسطينيون ليس اعتقادا ولكن خوفا من التخوين المبرمج، ولذلك نرى هناك محاولات برمجة جديدة للعقلية العربية أكانت من الجانب الفلسطيني أو الأردني لقبول بدائل أخرى كالفيدرالية بقيادة تل أبيب أو الكونفدرالية، وهذا ما تم رفضه أصلا في السابق.
من هنا تتضح الصورة الأكبر المتمثلة في الشهية المفتوحة لابتلاع الطعم عند مدعي المواطنة الذين يكذبون على أنفسهم، رغم أنهم ليسوا سوى ظهور بأربعة أرجل تحمل أوزار السلطة المحتلة لتلقيها على ظهر الأردنيين الذين لن يقبلوا كل المصطلحات الجديدة التي باتت تشبه مصطلحات الحرب على الإرهاب باستخدام الإرهاب، وهم يرفضون التغيير السيكولوجي في الديموغرافيا التي لن تسلخ جلدها لتمارس رقصة السلام لصالح أعداء السلام، الأردن سيبقى الأردن إن بقي لعمر الدهر بقية، مهما حاول أنصار الانصهار الاجتماعي في مسميات الدولة المدنية والجماعة الجامعة أو غيرها، وسيبقى الفلسطينون والأردنيون على قبلتهم للقدس الشريف وقبور أجدادهم في فلسطين وليس الضفة الغربية.
Royal430@hotmsil.com
الرأي