بعد انتظار دام لأكثر من سنين خمس بسبب جائحة كورونا، قالت الهيئة العامة لنقابة الصحفيين كلمتها وانتخبت مجلسا جديدا وسط أجواء اعتيادية، عبرت بما لا يقبل التأويل عن مدى احترام الصحفيين لقواعد اللعبة الديمقراطية وحرية الاختيار في هذه الدورة.
المشهد الحالي اختلف عن سابقه من الانتخابات، إذ تعد الدورة الحالية بمثابة إطلاق صافرة التغيير، وشكلت لبنة أولى في حرية اختيار مترشحين دون تدخل جهات كانت تعمل لفرض رأيها عبر إعداد قوائم، في سعي منها لتوجيه الأنظار تجاه البعض دون آخرين من باب التنفيع أو تبادل المصالح، أو تحت ذريعة تقييم الولاءات واعتبارات أخرى، إذ اكتفت بدور المراقب بعد أن خيّمت الضبابية دون سابق معرفة من الوسط الصحفي من سيحالفه "الحظ" لامتطاء صهوة المجلس على عكس الدورات السابقة.
ويسجل للزميلة فلحة بريزات أن قرارها الحر بخوض الانتخابات لموقع نقيب الصحفيين الأردنيين، قد أضفى نكهة وحضارية على المشهد الانتخابي برمته واخترقت حاجز الخوف من أن تخوض نشمية أردنية غمار معركة انتخابية عبر إنتاج فكرة ومشروع يقبل التطبيق على الأرض، يلبي طموحات وتطلعات الصحفيين ويخلق حالة نقابية جديدة نجحت فيها بكل المقاييس في اقتحام ميدان بدأته بـ 277 صوتا عبر تجربة انتخابية فريدة من نوعها، تعتبر الأولى أردنيا وربما أيضا عربيا.
المجلس الحالي في وضع لا يحسد عليه، وأمامه عديد الملفات ليعمل على إنجازها بعد حالة التردي التي وصلت إليها مؤسساتنا الصحفية، نتيجة التعيينات العشوائية التي تفتقر إلى الحجة والمعايير الموضوعية، عجزت من خلالها الإيفاء بأبسط حقوق العاملين من رواتب وزيادات سنوية وعقد دورات تمكنهم من امتلاك ناصية الحرف وإتقان فنون العمل الصحفي ما شكل انعطافة خطيرة لجهة الأداء والانتماء للمؤسسة الأم.
ما من شك أن فكرة تشكيل القوائم الانتخابية على غرار ما هو معمول به في النقابات الكبرى المسيسة، لن تلقى الدعم الكافي من قبل الهيئة العامة لنقابة الصحفيين، نظرا لمحدوية منتسبيها افتقارها إلى الانتماءات الحزبية أو التيارات السياسية على اختلافها، ووفقا للتوقعات فإن مخرجات الأمس الانتخابية عززت هذا الرأي وبخاصة على صعيد اختيار النقيب ونائبه وأعضاء المجلس.
بات من الضروري أن يعمل المجلس يدا بيد مع هيئته العامة، وأن يكاشف الصحفيين بكل صغيرة وكبيرة، ويضع جداول زمنية لخططه وبرامجه التي التزم فيها وتقدم على أساسها للترشح، حتى نخرج من عباءة الفزعة ونؤسس لمرحلة جديدة، عنوانها الإنجاز وتحقيق الامتيازات إلى وسط أنهكته التدخلات السافرة بمؤسساته وأوصلتها إلى الدرك الأسفل.