النفخ بالأخطاء الطبية .. يضُر بمصلحة البلد!
سمير الحباشنة
21-10-2021 12:05 AM
بداية أتقدم بالمواساة الى أهالي الفتاتين الزهرتين اللتين قضتا بفعل خطأ طبي، وأرجو الله لذويهما الصبر.. انه سميع مجيب.
(1)
إبان وجودي في وزارة المرحوم الأمير زيد بن شاكر، رافقته والصديق المهندس علي أبو الراغب في زيارة الى اليمن.. وكان على جدولنا مع الأخوة اليمنيين البحث بالأسباب التي أدت الى توقف الأخوة اليمنيين عن القدوم بقصد المعالجة في المشافي الأردنية.. بعد أن كان الأردن هو الوجهة الرئيسية للمرضى من اليمن الشقيق..
وقد فوجئنا بأن السبب الذي يقف وراء عزوف اليمنيين عن القدوم الى الأردن بقصد العلاج، خبر منشور في صحيفة أردنية أسبوعية يقول «طبيب أردني، ينسى مقصاً وشاشاً طبياً في جوف مريض بعد إجراء العملية له..».
نُشر الخبر مثل النار في الهشيم في وسائل الإعلام اليمنية، ما أدى الى عزوف الأخوة اليمنيين عن العلاج في مستشفياتنا، وهو ما أوقع ضرراً بالغاً على القطاع الصحي وعلى السياحة العلاجية بشكل عام..!
(2)
إبان وجودي في حكومة الصديق فيصل الفايز، زرت المملكة العربية السعودية، بالتزامن مع قرار «السعودية الشقيقة» بوقف شبه كلي لدخول المنتوجات الغذائية الأردنية..!
وعلى هامش اللقاء مع سمو الأمير نايف بن عبد العزيز رحمه الله وزير الداخلية آنذاك، أثرت هذا الموضوع متسائلاً عن أسباب ذلك القرار، حيث أحضر مساعدو الأمير قصاصات من بعض صُحفنا الأردنية والتي تتحدث عن متبقيات سُمية عالية في الخضار الأردنية، ومستويات عالية من مادة «الديوكسين» السامة في منتوجاتنا من اللحوم الحمراء والبيضاء.
ذلك أن بعض وسائلنا الإعلامية أبرزت في صدر صفحاتها تلك الأنباء دون أن تبرز نتائج فحوصات الجمعية العلمية الملكية ومختبرات وزارة الزراعة والتي أظهرت خلو منتجاتنا من أي آثار للمتبقيات السُمية.
فقد أبرز الإعلام الاتهام و لم يُبرز البراءة!!. فكان أن أوقعنا الضرر على اقتصادنا الوطني وسمعة منتوجاتنا الغذائية على اختلافها، وحرمنا البلاد لفترة ليست بالقصيرة من التصدير إلى أسواق السعودية الشقيقة!
(3)
نذكر تصريحات المرحوم د. محمود ملحس حين كان وزيراً للصحة، حيث أطلق من موقعه الرسمي تصريحاً كان وقعه على الناس كالزلزال حين قال: «إن دواءنا وغذاءنا.. فاسد"!. وكنتُ وفي عداد اللجنة البرلمانية التي شكلها مجلس النواب للتأكد من صحة تصريحات وزير الصحة.
حيث ثبتَ للجنة بعد التحقق والاستماع الى خبراء في حقلي الغذاء، بأن تصريح الوزير يجانب الواقع ويفتقر الى الأدلة.
ونذكر جميعاً الآثار السيئة التي أحدثها هذا التصريح، حيث انحسرت صادرات البلاد الغذائية والدوائية إضافة إلى حالة الارباك التي أصابت مواطنينا وانعدام ثقتهم بمنتوجاتنا الوطنية!
(4)
مؤخراً، فإننا نعلم من هي الجهات المعادية التي أطلقت الإشاعة» بأن «التمور الأردنية تُصيب من يتناولها بمرض الكبد الوبائي»، إشاعة هدفها إخراج التمور الأردنية من المنافسة في الأسواق الدولية، وذلك بعد أن حققت مكانة وسمعة محترمة في سوق التمور العالمي.
والغريب أن بعض وسائل الإعلام لدينا جندت نفسها كرجع صدى لهذه الاتهامات المعادية دون أن تعي الضرر المترتب وطنياً على ترويج مثل هذه الأشاعات!
وبعد.. أرجو أن نتقي الله في بلدنا وألا ننفخ ببعض الأخطاء، لتبدو أمام المواطنين وأمام الناس في الخارج وكأن تلك الأخطاء ظاهرة لصيقة في القطاع الصحي الأردني.
فالأخطاء الطبية يمكن أن تحدث في كل أنحاء العالم وفي أكثر الدول تقدماً، إلا أنها تبقى في حدود ضيقة ولا يتم تضخيمها والنفخ بها كما هي في الحالة الأردنية.
وانني اقترح بهذا المجال أن يتحرك الادعاء العام أمام أي اتهام أو اشاعة ممكن أن تضر باقتصادنا الوطني وبسمعة بلدنا في شتى المجالات.
والله ومصلحة الأردن من وراء القصد
(الرأي)