إلى زياد العناني وشـمـس واحـدة لا تكفي
د.مهند مبيضين
19-10-2021 12:05 AM
الصديق زياد العناني، شاعر أردني فَذ ونديّ الحضور، غاب عن الساحة الشعرية بفعل المرض، ولِد في عمّان في ناحية ناعور عام 1962م، وعمل في الصحافة الثقافيّة مبكراً بجريدة الرأي، ثم توالت أعماله الابداعية بصدور أول دواوينه الشعرية عام 1988م بعنوان «إرهاصات من ناعور» و»خزانة الأسف» الذي صدر عن المؤسسة العربية للدراسات ونشـر عام 2000م ولاحقاً «تسمية الدموع» و «مضى بطول البال» وديوان «شمس قليلة» و»كمائن طويلة الأجل» و» زهو الفاعل».
هو شاعر في الموجودات والتوقيعات الإنسانية، شاعر يميل إلى الحزن، وقد أصابه المرض بحزن مضاعف، بعد أن عاش معاناة الشعر والشعراء فانعكست في قصائده اسئلة الانسان العربي الكبيرة، التي شفت عن واقع بائس وصعب بفعل الهزائم العربية الكبيرة.
زياد شاعر ممتلئ، وازن وحافظ لهيبة القصيدة، يملأ الشعر بأسئلة الكتابة والوعي، وحين اصابته جلطة دماغية عقب اصدار ديوانه « زهو الفاعل»، ففي صبيحة يوم 28 آب 2011، بعد أن أصيب العناني بجلطة دماغيّة، كان آخر ما مقطع من قصيدة رما لم تكتمل، جاء فيها:
«البيت مازال هو البيت
والدرب ما زال هو الدرب
ربما لم أره وهو يتغير بعد نومك
ولكن/ لا عليك
إن ضاعت منك أو ضاع عنك
سيدلّك الحزن
وتقودك يد البكاء الى جنتي»
مثَّل زياد العناني حالة شعرية أُردنية راقية، عانَد في تجربته كل محاولات السقوط والابتذال الشعري التي اصابت تجارب الكثير من الشعراء العرب منذ تسعينات القرن العشرين وحتى اليوم، تلك حقبة خبت بها التجربة الأدبية العربية وتعرضت فيها لضربة موجعة مع بدء قطار السلام العربي فالشعر لم يعد موجوداً في ساحة المعركة، والمعركة انتهت.
العناني ابن تلك الحقبة الشعرية التي دخلها الشعراء مذعنين لبيت الطاعة العربي، ولكن العناني وبين الأعوام 200-2009 أصدر عدة مجموعات شعرية مرسخًّاً قدمه في قصيدة النثر، وزياد شخصياً جزء من القصيدة التي يكتبها، هو شاعر رافض لخيار السلام العربي دون اعلان نفسه مقاوماً، فهو من رائحة الطين العنيد والصخور الصلبة، وروحه عالية، وقلبه ممتلئ بحب الحياة.
(الدستور)