ثلاثة وعشرون عاما من العناء والعمل المصابر المثابر امضاها الحبيب المصطفى من لدن رب العالمين، غيرت وجه التاريخ ونشرت نور الهداية بعد طول جهل وتخلف وظلام.
نعم، ٢٣ عاما بدأت برجل واحد هو خير البرية، هاجر من ظلم قومه بصحبة الصديق رضي الله عنه، ليؤسس نواة خير للبشرية كلها في المدينة المنورة، حيث الإسلام العظيم الذي ترتكز دعوته على مبادئ فيها سعادة الدارين وللناس كافة.
رجل طريد مهاجر سرا وخفية عن عيون كفار قريش، يعد "سراقة" الذي لحق به لقتله كي يفوز بالجائزة مائة ناقة فتغوص فرسه في التراب، يعده بسواري "كسرى" عظيم الفرس. يا سراقة، لك سوارا كسرى بإذن الله.
وهل يعد مهاجر طريد بمثل هذا لو لم يكن نبيا واثقا من نصر الله على أعظم امبراطوريات ذلك الزمان. ويتحقق الوعد، وياتي عمر الخليفة العادل بسواري كسرى يلبسها لسراقة تطبيقا للوعد.
هي الدعوة الشريفة المشرفة قامت على أركان ومبادئ إلهية عظمى، درتها ومنها وعلى سبيل المثال لا الحصر... الأخلاق الحسنة الحميدة الكريمة، "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، والرحمة، "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"، ثم "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم احرارا" قالها من بعده عمر رضي الله عنه، ثم "لو كان الفقر رجلا لقتلته"، قالها من بعده علي كرم الله وجهه، وقبل هذا وذاك، قوله صلي الله عليه وسلم "لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى".
تلك هي الدعوة الشريفة، اخلاق ورحمة وحرية وعدل ومساواة وكفاية عيش، وماذا يريد البشر افضل من هذا وأكرم لحياة سعيدة كريمة؟.
في رحاب ذكرى مولدك سيدي يا رسول الله، لا أجمل ولا خير من أن نقول.. صلى الله عليك وسلم تسليما كثيرا يا حبيبنا وقدوتنا في هذا الوجود، وحسبنا شرفا ان اتباع دعوتك اليوم وحسب أحدث إحصاء يناهزون ١٩٠٠ مليون على أمتداد ٢٠٤ دول، وأن ٨٦ ألف إنسان يدخلون في الإسلام كل ٢٤ ساعة. صلوا على رسول الله. والله من وراء قصدي.