ليلى الأطرش .. رحيل مؤجل بطعم الغياب
محمد الجغبير
18-10-2021 02:21 PM
"إمرأة لا تشبه ذاتها"، وقد كانت كل النساء مُجتمعة، تُشبه لحظة برق وميضه يقطرُ عشقاً للحياة، يُثنيك عن المتبقي في عمر الخسارات، ويُحلق بك في "فصولٍ خمسة"، هي أول البدايات وآخر النهايات.
ليلى الأطرش آخر حصون الذات المليئة بالموقف السياسي الواحد، والمبدأ الثابت، وقبل ذلك كله، هي إمرأة من صلصال الإبداع، رسخت مفهوم المرأة العربية ، أديبة روائية، وإعلامية تنويرية، وإنثى استثنائية.
إمرأة تُحيلك تفاصيلها إلى معجم اللغة، لتستطيع أن تقف على حقيقةِ واحدة، أن النساء ليست واحدة، وأن الغيمَ المتلفع بالندى.. كان مطراُ قبل الآوان.
وبرحيلها زادت الحقيقة معنى آخر..
أن الموت رحيلُ مؤجل بالغياب
سيظل راسخا لحين استذكارات عدة، تراودني الان وانا اكتب سطور هذا الوجع حينما عرفني إليها الإعلامي العربي السوري أكرم خزام، حينها، حين التقيتها بضع دقائق وجها لوجه، برفقة زوجها الراحل الاديب والشاعر الدكتور فايز الصايغ أدركت أن الإبداع إمرأة وأن الحضور أنثى وأن ألق الحياة ابتسامة قد تٌطفئ حروبا، وقد تُشعل أرضا بعد يباب.
لازلت اذكر الشكر والثناء منها على ما كتبته في رثاء رفيق عمرها رحمه الله الذي فارق الحياة قبل عام وكان رحيله موجعا لمن قرأ له وعرفه وهذا هو مصير الاحبة العاشق يلحق بالمعشوق والعكس ايضا مشروع
عرفتها كل لغات الأرض حين تُرجمت أعمالها الأدبية لأكثر من لغة، لتظل لغتها العميقة الثرية أبجدية خالصة لمعنى كيف تكون إنسان، أبجدية تختزل معاني النُبل الشفيف على شغاف الروح فيحيا القلب ، ويُعيدك إلى إنسانك الأعلى والأرقى.
ليلى الاطرش، المبدعة، والإعلامية، والأم، قافلة حياة، تبدأ بالحضور المؤثر، وتعبر الوجود كسفرٍ يبدأ ولا ينتهي، تأخذك أعمالها الأدبية، إلى مساحة هدنة فيما أنت تعارك الحياة، لتهدهد روحك كـ "ترانيم الغواية"، ظلت وفية لمعتقدها الفكري، وآمنت بوحدة الجغرافيا والدم والتاريخ لشرقي النهر وغربيه، “وتشرق غربا” حين يأخذها الحنين إلى مسقط رأسها في بيت ساحور فلسطين، وتعلن موقفها الإنساني إزاء البشرية بكل أمكنتها وشخوصها ، مناديةً بحق الحياة ضد الحروب التي أفقدت "ابناء الريح" أوطانهم، كما وقفت نصيرةً لشقيقتها المرأة في “ليلتان وظل امرأة”، ولم يُتعبها “صهيل المسافات”، على “مرافئ الوهم”.
وتمضي بك صديقة الفرح ورفيقة الروح، الى ربيع القلب بعيدا عن “رغبات ذاك الخريف”، حيثُ المخيَّمُ جزء من حياة الأردن وعمّان تحديدا، ورصد تلك العلاقة الفريدة بين السلط ونابلس تحديدا منذ بدايات القرن الماضي”، ذاك الخريف الذي تجاوزته في سبعة عقود، لتمضي كما عروس بحر في "يومٍ عادي" إلى مطافها الأخير في السماء .