أنا اشهد: نحن الأرادنة شعب (يأكل الزلط)، والزلط بمعناها الحرفي، هي الحجارة الملساء التي تتواجد في مجاري الأنهار، أما معناها التشبيهي، فهو أننا شعب(يمزّ) على (حثاريم) اللبن الجميد، التي تكون أحيانا أقسى من الزلط.
والحثاريم هي بقايا زر الجميد التي تعجز اليد أو ماكينة المولينكس وشبيهاتها عن (مرسها) وتحويلها إلى جميد سائل، يصلح للمناسف التي تقدم في الجاهات والصلحات العشائرية إثر الجرائم أو المشادات التي تحصل نتيجة قسوة رؤوسنا وقلوبنا.
لا شك أننا أحفاد بعض العرب العاربة التي كانت تشارك في المعارك على الخطوط الأمامية في الجبال الفاصلة بين الأندلس وفرنسا، وقد نجا أجدادنا من كمين محكم بعد أن شاهد أحد جواسيس الأعداء أجدادنا وهم يتسوّكون بعد الأكل (يستخدمون المسواك لتنظيف الأسنان)، فهرع إلى قومه فارعا دارعا وهو يقول:
- اهربوا اهربوا ... هؤلاء قوم يأكلون اليابس قبل الأخضر ،فقد شاهدتهم يتغدون على عيدان الأشجار اليابسة!!
أما في الواقع والحقيقة فإننا شعب يأكل الزلط فعلا،فتاريخنا الفعلي هو تاريخ الاحتيال على الفقر والجوع والمرض ولعانة الحرسة والدندن ورسن.
هل رأيتم شعبنا يأكل بتلذذ عشب (اللفّيتة) أو (الحويرنة) بعد أن يغليها بالماء ويضيف إليها الملح والزيت؟؟. انه نحن ..وأنا من المدمنين على هذه العشبة المفرطة المرار.
وحال نبتة العكوب ليس أفضل من حال اللفيتة، إذ لم يستطع شوكه الحاد أن يحميه من براثن الأرادنة الذين يطبخونه باللبن أو يحوسونه مع البصل أو يعملون عليه مقلوبة، وكذلك حال نبتة المرار الشوكية التي تتحول بقدرة أردني جائع إلى سلطة لذيذة مع الليمون أو السماق.
احذروا من شعب يأكل الزلط .... واحذروا أكثر إذا لم يجده!!
الدستور