لا أدري لماذا يحاول البعض, أن يجعل من عدم إكتمال النصاب لإجراء انتخابات مجلس نقابة الصحفيين يوم الجمعة الماضي قضية عابرة, فيصور عدم إكتمال النصاب على أنه مجرد مؤامرة لتهريب النصاب.
صحيح أن عدم إكتمال النصاب ممارسة متكررة في نقابتنا وفي الكثير من النقابات الأخرى, لكنها بدأت تتزايد في السنوات الأخيرة قبل جائحة كورونا, مما يفرض على الجميع البحث عن أسباب هذه الممارسة بعيداً عن عقلية المؤامرة, التي تجعل رواية مؤامرة التهريب رواية ركيكة, حتى لا أقول سخيفة بل ومتناقضة, فالقول بأن الجانب الضعيف والمهزوم هو الذي هرب نصاب الانتخابات هو قول يدين من يقول به, لأن القادر على تهريب أكثر من نصف أعضاء الهيئة العامة لا يمكن تصنيفه بأنه ضعيف ومهزوم, بل هو قوي وقادر, يمكنه الفوز في الانتخابات وتأمين نجاح مرشحه أو مرشحيه, من خلال قدرته على التأثير الذي يمكن أن يوظفه للتحشيد وتوفير النصاب وهو الأمر الذي لم يتم, مما ينسف مقولة أن الطرف المهزوم هو الذي هرب النصاب.
إن عدم إكتمال نصاب انتخابات نقابة الصحفيين يفرض على الجميع, وفي طليعتهم الزملاء المرشحين للانتخابات الإجابة على السؤال لماذ فشلتم في تأمين النصاب؟ رغم كثرة المرشحين الذين عليهم أن يعيدوا النظر بحساباتهم وطروحاتهم وتفسيراتهم, حتى نصل إلى الإجابة الدقيقة ونعالج أصل الداء وليس أعراضه, وعدم إكتمال النصاب هو أهم هذه الأعراض, لأنه يعني بصورة من الصور عدم أهتمام بالشأن العام, حتى لا نقول يأس مما يجري.
عند الشأن العام لابد من وقفة للقول: بأن عدم إكتمال نصاب انتخابات نقابة الصحفيين هو جرس إنذار على الجميع أن ينتبه إليه, لأنه يعني أن الاحباط ومن ثم عدم الاهتمام بالشأن العام وصل إلى أهم شرائح المجتمع. وصار لابد من الإعتراف بأن حالة من الاحباط العام تسيطر على المجتمع الأردني, والصحفيين جزء منه, لكن احباط الصحفيين والإعلاميين وحملة الكلمة هو الجزء الأخطر من حالة الاحباط العام ودلالاتها, ذلك أن الصحفيين هم صناع الرأي العام وقادته, فإذا كانوا محبطين فاقدي الثقة, فإن ذلك ناقوس خطر, على الجميع أن ينتبه إليه قبل فوات الأوآن, لأن احباط الصحفيين سيكرس حالة الاحباط العام ويعمقها لدى الراي العام الاردني.
إن أول خطوات الإنتباه المطلوب لمعالجة حالة الاحباط هو الاستماع إلى الصحفيين الجادين وإلى مايقولونه حول واقع مهنتهم أولاً وحول ما يعرفونه عن واقع الناس في بلدهم, وحالة الاحباط التي يعيشها الناس, وهذا أول الحل لمشاكلنا التي نكثر الحديث حولها ولا نفعل شيئاً لحلها.
(الرأي)