قال لها فارسها وامير احلامها وهما يسيران على رمال البحر، بصوت امتزج فيه الحب بالغيرة المدمرة وكان يرمقها بنظرات لم تستطيع تفسيرها تشبهين فلسطين، قوية، جميلة، والف عدوٍ يتمناكِ!
فرح كانت تسير بهدوءها، القابل لأن يتحول إلى قنبله موقوته كلما شعرت بالخطر، وفقدت الإحساس بالامان من حولها.
لقد امتلكت عقل رجل وقلب طفل، كانت استثنائية، خصوصا عيناها الكبيرتان، ونظراتها الخجولة الشاردة، كانت ملامح وجهها الحنونة تعكس مدى عطفها بطريقة تجعلك تثق بها. في تلك الساعة كان هو يرمقها بنظرت لم تستطيع تفسيرها.
كلماته أثارت بداخلها مشاعر قوية، وهل تذكر فلسطين دون ثورة ولو بالدماء! حسناء غضه، وهي أرض الكرامة، وعزة النفس والكبرياء.
لن ننسى يا فلسطين الحق الشرعي الذي لن تغييره السنين، ولن نسمح بأن تتلاعب به كل مخططات وجرائم من اعتادوا استباحة الحق.
صرخ درويش يوما بصوت الشعب الفلسطيني"نحن لم نحلم بأكثر من حياةٍ 'كالحياة".
وطني دائمًا على حق ولن أستطيع أن أمارس حقًا حقيقيًا إلا في وطني.
السياسة والحياة، كلمتان بقدر جمالهن الوهمي لكن ذاك الجمال محفوف بالمخاطر يحتاج لبشر يتصفون بخصائص اهمها القوة والإرادة والعزيمة وحب الخير للبشر، ورغبة حقيقية في التغيير وقدرة على إثبات الحقوق.
قضيتنا الكبرى في الأوطان، الفساد، كان هناك من يباع ويشترى، من يعمل سمسار للبشر، مهمته شراء الضمائر والأفئدة.
وحوش بشرية، تعمل تحت غطاء كلمة استثمار بمشروع يسمى عبدة المال والكثرة من أي شيء وكل شي.
هولاء المردة هم عبيد القرش والدرهم.
لن ينجوا وستكون لهم سقطة مدوية طال الزمان أو نقص.
عبر سنوات الاحتلال الطويلة كان يندس قلة من الخونه والجواسيس في فلسطين مع العدو المحتل الغاشم، تلك فئة استباحت الخيانة وعاشت بالغدر والمكر.
دسائسهم وانتقاداتهم لم تكن كالسكين الذي يجرح ليشفى، بل كان كالسكين الذي يجرح كي يقتل روح الكرامة ووجوه التآخي وعزة النفس.
فلسطين الأبية باتت على علم بهم وبما يفعلون وعما يسالون وعما يتكلمون، ولا نحتاج لبيان بطلان ولا نحتاج لإبراز شواهد كثيرة وأدلة عديدة.
ودائما كانت فلسطين تغرد كعصفور الجنة " سقط القناع، سقط النقاب عن الوجوه الغادرة، وحقيقة الشيطان باتت سافرة".
عندما أسر العدو المحتل، الاسرى الفلسطينين الذين حفروا نفق قال الشرفاء من أهل الأمه " أن يطعنك احدهم في ظهرك فهو أمر طبيعي، ولكن أن تلتفت وتجده أقرب الناس إليك، فهذه كارثة".
القضية الفلسطينية هي قضيتنا العربية الاولى ونبقى في الأردن نشد على يد الشعب الفلسطيني ونقول "حاصر" حصارك لا مفر، قاتلْ عدوك لا مفر، سقطت ذراعك فالتقطها، وسقطتُ قربك فالتقطني، واضرب عدوك بي، فأنت اليوم حر وحر وحر ".
ما زالت فرح تعيش دهشة حب فلسطين التي علمتها كيف تكون قوية بمزيج مختلف تختلط به الرقة بالعنف.
شعرت انها في منطقة وهو في منطقة أخرى بعيدة جدا عنها، لم يكن ذلك إطراء عاديا. فلسطين قصة ثمينة محاكة بخيوط من ذهب، تتنفس الهواء ممزوجا بقنابل عدو لدود لا يرحم، عدوا يعطيك من طرف اللسان حلاوةً ويراوغ منك كما يراوغ الثعلب.
كل ذلك التفكير مر بعقل فرح فقط بثواني، فالساعة أنت فلسطين ونحن نعيشك بالثواني في حنين لا ينتهي.
ابتسمت فرح لفارس أحلامها وفي العيون دمعة هاربة، أما هو فقد اعتاد أن يحبها بكل ما تمتلك من حب وعقد وردات فعل لا يتوقعها أحيانا، قالت له: كلماتك جميلة وعميقة المعنى أنت وحدك من أقنعني بأن هناك محبة في زمن الجدب والقهر، وسأبقى احلم بمنزلنا في ربوع الوطن. لكن لا تلمني أن لم استطيع إكمال الحلم معك، فالغيرة عدو قاتل.