أكتب عن البعض ولا اعمم هنا، وافصل ان البعض من وقت استيقاظه الى وقت نومه، وهو حامل لمجهر يبحث في اخطاء الناس، بل وينبش في خصوصيات ويبحث عن ماض، وكأن الخلق خلقوا معصومين منزهين عن الاخطاء، وهذا داء اصبنا به مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي وثورة المعرفة التي اتاحت ارشيف الفيديوهات والتعليقات والتغريدات، فسرعان ما تتسارع الأيدي والألسن لنهش لحم أي شخص يخطئ أو تصدر حوله شائعة أو تصدر منه زلة ويستسهل الحديث عنه لكلمة أو مقالة أو مقولة لربما لم تفهم كما يقصد أو لفقت له او تم قصها وبنيت في غير سياقها.
لست هنا للدفاع عن أحد أو مهاجمته، بل لنقاش فكرة؛ فالبعض ممن يهاجمون ويقذفون مليء بالأخطاء والذنوب وليس فيهم المنزه المثالي، نحن بني آدم جبلنا على الخطأ والتوبة والاستغفار، ثم ان الخطأ او الزلة التي يقع بها الفرد هي درس للشخص ذاته ولغيره في ان لا يتكرر الخطأ، ولنتذكر حكمة تقول « أنت تعمل فأنت تخطئ، أنت لا تعمل فأنت لا تخطئ « .
لهذا الداء ابعاده الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تجعلنا اليوم نقف امامه للمطالبة بمراجعة متعددة المسؤوليات – وانا اعلم ان مراراة الدواء ليست مبررا لترك العلاج - لعل اولها المسؤولية الذاتية التي نطرحها الوازع الديني والاخلاقي والمنطقي التي يجب على الانسان ان يفعلهم في نفسه فماذا لو ان حامل مجهر تتبع الناس أدار المجهر على نفسه ورأى حاضره وماضيه وكم الاخطاء التي يقع بها هل يحب ان يطلع الاخر عليها وينشرها على الناس،اما المسؤولية الثانية فانها على المجتمع في الرفض وعدم التداول والنشر للخصوصيات في السعي المحموم باعادة النشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل اعلام مختلفة، المسؤولية القانونية اعتقد بانها يجب ان تفعل ايضا فللناس كرامات وخصوصيات فيما يفعلون ويلبسون ما داموا لا يؤذونك ولا يعتدون على حقوقك، وليس لك اي سلطة في انتهاك حريات الاخرين، وان كان دافعك الاصلاح او النصح فليس من بوابة الفضح التي ننتهجها لا تلميحا ولا تصريحا.
نحن مجتمع له منظومة اخلاقية يعتز بها تنبع من دينه وعاداته وتقاليده، ولسنا من المجتمعات التي تتبع عورات الناس وزلاتهم او تتصيد اخطاءهم، فكلنا خطاء وخير الخطائين التوابون.
الدستور